ما أكثر ما فقد العالم الاسلامي هذا العام وبعض العام الذي قبله، من العلماء الأعلام، الذين اهتزت لموتهم منابر الاسلام، وبكتهم الألسنة والأقلام، وهم من غير مراعاة مني لزمن وفاة كل منهم: الإمام العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز. الشيخ صالح بن غصون. الشيخ مناع القطان الشيخ علي الطنطاوي الشيخ محمد عطية سالم د, مصطفى الزرقاء. الشيخ محمد بهجة الأثري. اللواء الركن/ محمود شيت خطاب وآخرهم وليس الأخير، الشيخ ابو الحسن الندوي رحمهم الله جميعاً وطيّب مآلهم. لقد خسر العالم الاسلامي في الأيام القليلة الماضية بوفاة الشيخ أبي الحسن الندوي صوتاً إسلامياً مدويّاً بالدعوة الى الله, ليس في بلده (الهند) وحدها ولكن في كثير من الانحاء. ولد الشيخ أبو الحسن الندوي في الهند عام 1332ه 1913م وتنتسب أسرته الى الحسن بن علي بن ابي طالب رضي الله عنهما . تعلم وهو في صغره اللغة العربية، والفارسية، والانجليزية، الى جانب لغته الاوردية ودرس الادب العربي، كما درس الحديث والتفسير، ولما تخرج في (جامعة لكنهو) عيِّن مدرساً في دار العلوم التابعة لندوة العلماء حتى وصل الى ما وصل إليه من مكانة علمية وخدمة جليلة للاسلام. نال (جائزة الملك فيصل العالمية) لخدمة الاسلام عام 1400ه تقديراً لما قام به من اعمال كبيرة وواسعة الأمداء لخدمة الاسلام. له من المؤلفات والرسائل ما يربو على المئتين في اللغات الأربع التي يجيدها ويكتب بها ومنها ستة عشر كتاباً باللغة العربية، وفي تقديري ان اعظم كتبه واشهرها كتاب (ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين)؟. أما أعماله ونشاطاته الاسلامية البارزة والتي كان يمارسها حتى وفاته، فكثيرة أذكر منها: * رئيس ندوة العلماء في لكنو بالهند. * عضو الهيئة التأسيسية لرابطة العالم الاسلامي. * الأمين العام للمركز الاسلامي في (اكسفورد) بريطانيا. * رئيس لجنة الاحوال الشخصية للمسلمين في الهند. * ألف جمعية في الهند باسم الحركة الانسانية ، وهي حركة اسلامية في صفوف الهندوس، ودخل هذه الجمعية عدد من الشخصيات الهندوسية البارزة الى جانب الشخصيات الاسلامية. * رئيس رابطة الادب الاسلامي العالمية، وقد انتخب رئيساً لها مدى الحياة. وبمناسبة ذكر هذه الرابطة فقد شرّفني رحمه الله بخطاب ارسله إليَّ من الهند في أول تأسيسها يطلب فيه مني الموافقة على (العضوية الشرفية) لهذه الرابطة,, فكتبت شاكراً لسماحته هذا التكريم، وأنه شرف لي الموافقة على هذه العضوية، وقد اجتمعت به عدة مرات بعد اختياري عضو شرف لهذه الرابطة التي تمتُّ لي بأوثق الصلات، فكان آخر اجتماع لي معه رحمه الله منذ سنتين تقريباً في اجتماع (أمناء الرابطة) في جدة، والذي تولى ترتيبه واستضافته الاستاذ (عبد المقصود خوجة) صاحب الاثنينية المشهورة في جدة. ولقد أصبح لهذه الرابطة فروع ونشاطات عديدة في عدد من الدول العربية، بل ولها مكتب في (استانبول) بتركيا, وقد افتتح الشيخ الراحل هذا المكتب في المدينة الرئيسة بتركيا، وعقد مؤتمراً للرابطة في ذلك المبنى المستأجر حول اغراض الرابطة وتوجهاتها الايجابية وكنت من جملة من حضره عام 1410ه. ولعلّ أبرز نشاطات هذه الرابطة الأدبية العالمية إصدارها مجلتها الفصلية ذات المستوى الرفيع ويرأس تحريرها الدكتور عبد القدوس ابو صالح, كذلك أصدرت هذه الرابطة عدداً من المجاميع الشعرية ذات التوجه الاسلامي وعددا من الكتب والمطويات الأخرى. ويالله,, كم خسر العالم الاسلامي بوفاة صاحب (ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟) وبعد!. فإنه لمحزن حقاً أن تتجاهل صحفنا ومثقفونا وفاة هذا العالم الجليل والاديب الكبير، وحسب اطلاعي لم تنشر عنه أية صحيفة باستثناء واحدة نشرت سطوراً قليلة كخبر عن وفاته، ولم أطّلع حتى الآن على أية كتابة عنه حتى من المنتسبين للرابطة وأعضائها, بل حتى (رابطة العالم الاسلامي) والتي هو أحد أعضائها لم اقرأ لها شيئاً عنه حتى الآن,, رحمه الله وعوّض المسلمين عنه خير العوض. تعقيبات * الأخ الاستاذ عبد المحسن المنيع الزلفي: على تعقيبك المهذب في الجزيرة يوم الاثنين 19 رمضان 1420ه (دعاء مسجوع ولكن هل هو ممنوع) اقول ان السجع غير ممنوع لكن استخدامه بكثرة من أجل ترقيق قلوب المصلّين وإحداث الشهيق المتواصل والصراخ وارتفاع الأصوات اثناء القنوت هو عمل غير مستحسن، وكثير من المفسرين لقوله تعالى (أدعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين) الآية 55 من سورة الأعراف يقولون (إن رفع الصوت بالدعاء والصياح في الدعاء مكروه وبدعة وقالوا في قوله إنه لا يجب المعتدين اي الاسهاب في الدعاء). والاسهاب اصبح الآن ظاهرة بارزة لعدد من أئمة المساجد ذات الحضور الكبير، راجع تفسير الزمخشري (الكشاف) الجزء الثاني ص66 وراجع تفسير ابن كثير والبغوي وغيرها، فكلهم قال بكراهية رفع الصوت في الدعاء والصياح والصراخ، ويرون أنه (بدعة)، وأشكرك كثيراً على ما أضفيت على أخيك من صفات أسأل الله أن أكون أهلاً لها,, وجزاك الله خيراً: * الى الشيخ ناصر الصالح العمري: قرأت رسالتك الموجهة إليَّ في الجزيرة يوم 27 رمضان 1420ه حول عبارة الحديث (اربعوا على أنفسكم) وأنا متفق معك ومع جميع القواميس وكتب اللغة ان الهمزة في (اربعوا) وصلية والباء مفتوحة, وهذا ما كنت اعرفه زمن تلمذتي, لكنني اثناء قراءتي في بعض التفاسير وجدت الكلمة في تفسير البغوي هكذا (أَربعوا) بهمزة قطع مفتوحة، فقلت في نفسي لعلّ لها وجهاً آخر من الصحة، وكنت لحظتها واقع تحت إلحاح مكتب رئيس التحرير الذي اتصل بي وأنا أكتب الموضوع قائلاً: الصحيفة الآن جاهزة للطبع، ولم يبق الا مقالك، فكان تأخري في كتابة المقال سبباً لنقل العبارة كما هي في تفسير البغوي (الجزء 2 ص 166) مستبعداً حدوث خطأ في التفسير كهذا, وخاصة أنها مع تمام الحديث بين حاجزتين . أما عدم ذكري لمعناها فكان اعتماداً على أنها معروفة اضافة الى بعض ما تقدم. وبعد: فإن ما ذكرت من أنك تعرفني (منذ خمسين حجة) وأني كذا وكذا,, فجزاك الله خيراً على شعورك النبيل نحوي,, ولكني خائف عليك بعد هذا الكشف الصريح لعمرك المديد إن شاء الله من الاضرار بنفسك فيما لو أردت ان تزيد (غرفة) في بيتك او تغرس (نخلة) في (حديقتك). وأخيراً، فسلامي عليك وعلى القراء أجمعين لما أسديته أنت قبلاً,, وشكراً.