السائل (معاذ عبدالله): نسمعُ بعضَ المؤذنين مَن يقول: اللهُ أكبرَ اللهُ أكبرَ، بفتحِ الرّاء عند وصلها، وبعضهم بضمّها، فما الصحيحُ في ذلك؟ الفتوى 23: المشهورُ في هذا هو الإعرابُ، وهو ضمّ الرّاء؛ لأن (أكبر) خبرٌ، ولم ينوّن لأنه على وزن (أفْعل)، فمَن وصلها بالضمِّ فقد أعطى الإعرابَ حقَّه، وأحسن في التخلّص من التقاء الساكنين؛ لأنه يكون بالضمِّ والكسرِ والفتحِ. ويُذكر عن المبرّد أنه كان ينكر الوصلَ بالضمِّ، ويقول: الأصلُ في (الله أكبر) تسكين الرّاء، وهو يشبه المبني. فإذا وصلتَ بلفظ الجلالة ألقيتَ حركة الهمزة (همزة الوصل) على الرّاء، نظير قوله تعالى: {الم. اللّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّوم} [آل عمران] تفتح الميم في حال الوصل، وفتحتها هي فتحة همزة الوصل، نقلت إليها، حكى ذلك عنه أبو بكر ابن الأنباريّ وغيره في كتابه (الزاهر)، ونقله عنه ابن الحفيد في كتابه (الدّرّ النّضيد). قال ابن الأنباريّ: (عوام الناس يضمّون الرّاء)، وقد تجرّد للردّ على مَن عاب الضمّ الرَّاعي الأندلسي (ت 853ه)، وردّ على المبرّد وغيره بما يكفي، وهو منقولٌ بتمامه في كتاب (معجم المناهي اللفظية)، غير أنه قال في صدر كلامه: (إنّ الوصل مخالفٌ للسُّنّة وما درج عليه السّلفُ الصّالحُ في لفظ الأذان). ولا أدري ما مستنده في ذلك، فإنّ ظواهر النّصوص، وما درج عليه أكثر المؤذنين فعلاً وسماعًا ونقلاً عن الأسلاف هو الوصل. وفي الصحيحين: أنّ بلالاً أُمِرَ أن يشفع الأذانَ ويُوتر الإقامة. فجعل (الله أكبر الله أكبر) كالكلمة الواحدة، وجعل التكبير في الأذان كلمتين، وكذلك خبر معاوية في الصحيح أيضًا: أنه سمع المؤذن يقول: الله أكبر الله أكبر. فقال: الله أكبر الله أكبر. فذكرها موصولة. وهناك نوعان من أذان الناس لم يُذكرا في السؤال؛ أحدهما: الوصل بإسكان الرّاء، وقطع الهمزة في لفظ الجلالة، وهو من باب إجراء الوصل مجرى الوقف. وقد يختبئ في هذا الوصل سكتة لطيفة. والثاني: النّطق ب (الله أكبر) مفردة، والوقف عليها، على الوجه الذي حكاه الرّاعي عن السّلف. فتحصَّل في هذا أربعة أوجه أو خمسة، هي: الوصل بالرفع، أو بالفتح، أو بالإسكان مع قطع الهمزة بلا سكت، أو مع سكت، أو الوقف.