لا شك بأن مجالس المناطق التي أحدثها نظام المناطق، تعتبر خطوة «عملية» تجاه البناء، والتنمية الوطنية، أحدثت آليات ادارية منظمة، اذا استفيد من وجودها حققنا الكثير الذي من شأنه ان ينهض بالمحافظات والمراكز والقرى، والأرياف والمناطق النائية.. وعندما نعود لكثير من مشاكلنا التنموية سواء التعليمي منه، والاقتصادي او الإداري، والمعيشي منه ايضا لوجدنا أننا نركز على خدمات المدن الكبرى متجاهلين بقصد او بغير قصد ضرورة احياء القرى والأرياف والمدن المختلفة في جميع مناطق المملكة .. الأمر الذي لا يحدث توازنا تنمويا يبقي سكان تلكم المناطق والمدن بين جنباتها.. لو توفر لكل مدينة مراكزها الصحية.. وما تحتاجه من مدارس وثانويات وجامعات ومستشفيات ومكتبات وحدائق وأماكن سياحية الخ ذلك من تلك الاحتياجات الطبيعية، لما نزح السكان الى المدن وزادوا من كثافتها السكانية من ناحية وجعلوا من مدنهم قفراً خاليا من ناحية أخرى.. ومجالس المناطق التي تمثل في الدول الاخرى الادارة المحلية، أو الحكم المحلي، والمجالس المحلية معنية بتنمية تلك المناطق بما فيها من مدن وقرى وأرياف ان وجدت وتلمس ما يحتاج اليه المواطنون من خدمات ضرورية وكمالية. أما كيف يستطيع مجلس المنطقة فعل ذلك. فلأنه أساس التنمية في كل منطقة.. ففي جلساته تشارك الوزارات عبر ممثليها، ويشارك المواطنون المختارون من الأهالي ويرأسهم أصحاب السمو الملكي أمراء المناطق ونوّابهم.. ووكلاء الامارات وهؤلاء جميعا هم أقدر الناس على تنمية تلك المناطق. ومن خلال اللجان الدائمة العاملة لتلك المجالس تتم المداولات والمناقشات حول جميع الاحتياجات الخاصة بتلك المناطق ويتم التوصل في نهاية الأمر الى قرارات وان كانت استشارية الا انها تعين المسؤول على معرفة تلك الاحتياجات. وممثلو الوزارات يساهمون في هذه الاجتماعات بامكانيات وزاراتهم المتاحة، المالية والادارية، المتضمنة في خططهم الخمسية، وانجازهم السنوي، والمواطنون يطرحون ما يعانيه المواطنون في مناطقهم من مشكلات وما يحتاجون اليه من خدمات.. هذه القرارات تتجه الى مقام وزارة الداخلية لتقوم بدورها التنموي او الرفع لمقام مجلس الوزراء اذا لزم الأمر.. الأمر الذي يدل على أهمية مجالس المناطق ودورها في تفعيل التنمية في المملكة. هذه المجالس بالاضافة الى مجالس المحافظات، والمجالس المحلية، منتظر منها الكثير لفك الاختناقات السكانية، والتجمع السكاني في المدن الرئيسية كالرياضوجدة والدمام. اذا ما كان المحافظون ورؤساء المراكز واعضاء مجلس المنطقة على مستوى الأحداث والاحتياجات وخطورة المهمة .. وهم كذلك. وبما ان مدننا الكبيرة ما زالت بكراً فان الوقت متاح لتفادي مشكلة الزحام السكاني الذي نراه في مدن كالقاهرة ولوس انجلوس وريو دي جانيرو ولندن وغيرها.. لكي تعمر البلاد بأسرها بتنمية وبسكان أصليين، وتتوقف الهجرة الى المدن الرئيسية. والسؤال الآن.. هل تستطيع مجالس المناطق فعل ذلك كله؟ وهل بمقدورها السيطرة على تنمية مناطقها وتحقيق الآمال التي أناطها بها نظام المناطق والمنظم السعودي له؟. في تصوري أنها قادرة على فعل ذلك بما أوتيت من رجال وتنظيم، وآليات ادارية ومالية وشرعية وطنية توّجها بها مجلس الوزراء الموقر، ومقام وزارة الداخلية الموقرة غير ان هذه الطموحات في تقديري سوف تأخذ وقتا أطول وجهودا أكبر.. ذلك ان معدّلات الكثافة السكانية كبيرة ومنسوبة الى ما يحدث في الوطن العربي بل وفي العالم اضافة الى تدفق المقيمين لدينا وتكاثرهم ونسبة تشكيلهم السكانية مقارنة بالسكان الأصليين!! وما هو الحل؟ الحل في نظري هو إفساح المجال لمجالس المناطق للتصرف مع القطاع الخاص في مناطقها، واعطاؤها المرونة الكافية لاستقطاب رجال الأعمال في الدولة لتنمية المنطقة يداً بيد مع مجالس المناطق والامارات في كل منطقة.. ورجال الأعمال اذا ما وجدوا التسهيلات الادارية والتشجيع المادي والمعنوي بمنحهم اراضي استراتيجية مثلا وتسريع تلبية ما يحتاجونه من دعم اداري وضمانات ومعدات تملكها الدولة بالتنسيق مع الوزارات الخدماتية المعنية وتنظيم آليات اقتصادية باشراف الغرفة التجارية.. واقناع من يملكون المال بأهمية هذه المشاركة الوطنية ، ... اذا ما حدث ذلك .. فان المجالس سوف تجد المال الكافي لتغطية احتياجات مناطقها بشكل أسرع وأفضل، وبذا تتم المشاركة الاجتماعية في عملية التنمية التي أشار اليها نظام المناطق كهدف من أهدافه .. ليت هذا يحدث.. [email protected] ص ب 90155 رمز 11633 الرياض