والبؤس يرتبط بحلقات متصلة ببعضها اتصالا وثيقا.. فهو مرتبط بالحظ السيىء والوساوس مرتبطة به.. وهو مرتبط بالكآبة والوهم مرتبط به .. وهو متصل بالشقاء والتعاسة مرتبطة به.. وهو ملتحم بسوء الحال والفقر متصل به.. وهو مصاحب لليأس والقنوط ملتصق به. ولقد عرف بعضهم البؤساء في الدنيا بقوله: البؤساء : قوم وضعتهم الدنيا في اخشن مواضعها وداهمتهم الأيام بالمصائب فاستهانوا بنكباتها وجفاهم الحظ فرضخوا لأحكام القدر وصادقهم النكد فحفظوا له واجب الصداقة ولم ينقضوا له عهدا وسئمت منهم الأيام فكانوا عليها عالة. البؤساء : قوم خلع عليهم الدهر حزنه وجر عليهم فضل بلائه فأوقفوا بعض حنين قلوبهم الى غير ما تحن اليه من صبابة المحاسن والجمال وهاموا في وهاد الدنيا وأتوا بأعمال من الاشجان لا تدخل تحت حصر فتراهم مع ماهم عليه من بواعث الحزن والنكد لا ترتاح نفوسهم الابية الا لعمل الخير وتراهم وهم في اشد حالات المحنة يعطفون على البؤساء امثالهم ويميلون من تلقاء انفسهم الى من جفاهم الحظ وسحقهم الهم. البؤساء: قوم خطت الطبيعة على جباههم سطور الشقاء ومشى الدهر خلفهم يومئ للمصائب نحوهم ببنانه فتبعتهم ملبية أمره. . وتنقض عليهم منفذة احكامه. البؤساء : طائفة رمتهم سهام القدر فباتوا للبلاء عرضا واصبحوا في هذا الكون حيارى لا يهدون الى منار السعادة ولم يبلغ بهم سفين الحياة شاطىء السلامة. اما الشعراء البؤساء فيسلون انفسهم بالشعر يقول معن بن أدي المزني: واعلم اني لم تصبني مصيبة من الدهر إلا قد اصابت فتى قبلي وفقراء البؤساء ينشدون مثل هذه الابيات: اذا كانت الافعال يوما كأهلها كمالا فحسن الخلق أبهى وأكمل وان كانت الارزاق قسما مقدرا فقلة جهد المرء في الكسب أجمل وان كانت الدنيا تعد نفيسة فدار ثواب الله أعلى وأنبل وان كانت الابدان للموت انشئت فقتل امرىء بالسيف في الله افضل وان كانت الاقوال للترك جمعها فما بال متروك به المرء يبخل يروى انه كان للخليل بن احمد الفراهيدي صاحب عروض الشعر واحد الفقراء البائسين راتب على سليمان بن حبيب بن المهلب بن صفرة الازدي والي فارس والاهواز وانه استدعى الخليل بلهجة شديدة فكتب الخليل رد جوابه شعرا، منه قوله: أبلغ سليمان اني عنه في دعة وفي غنى غير اني لست ذا مال سخاً بنفسي اني لا ارى احدا