قد يظن البعض ان الوصمة التي تلاحق المريض النفسي وما ينتج عنها من آثار سلبية، يقتصر وجودها على مجتمعاتنا العربية، فجاء شعار اليوم العالمي للصحة حول هذه النقطة ليوضح انتشار هذا المفهوم في المجتمع الدولي، ليس ذلك فحسب بل ان جعل عنوان هذا اليوم عن الوصمة ليدل دلالة واضحة، على ان النتائج السيئة لهذا المفهوم قد أصبحت آثارها تحتاج الى وقفة عالمية للتحليل والعلاج. ولعل من المناسب عرض بعض الأرقام والتي تشهد لما ذكرت ففي احدى الدراسات الأوربية الحديثة عام 2000م والتي أجريت على 550 من المصابين بالأعراض النفسية وجد ان 70% منهم قد عانى من التمييز والتفرقة في مكان العمل بل وحتى من ناحية الرعاية الصحية المقدمة. وفي دراسة أخرى أجريت على الجمهور في بريطانيا أفاد 70% منهم ان المريض النفسي يعتبر خطرا على المجتمع خاصة مريض الفصام العقلي كما أفاد 62% منهم ان مرضى الاكتئاب يصعب التحدث معهم. ان هذه الانطباعات الخاطئة عن المرض النفسي قد عانى منها المريض أسوأ المعاناة ففي احدى الدراسات الغربية وجد ان 47% من المرضى النفسيين قد تعرض للمضايقة وسوء المعاملة، و14% منهم تعرض للايذاء الجسدي، وفي مجال العمل فقد أجبر 34% منهم على الاستقالة من وظائفهم. واضطر 26% من عينة الدراسة على الانتقال وترك بيوتهم بسبب المضايقات. فبأي حق وبأي وجه يتعرض المريض لكل هذا من الناس، أفلا يكفيه ما ابتلاه الله به من هذا المرض، والذي هو أشد وطأة من المرض العضوي في أحيان كثيرة. إننا كمجتمع مسلم وبما تمليه علينا تعاليم ديننا الحنيف من احترام الآخرين وعدم ازدرائهم، والوقوف بجانب المريض في محنته ومد يد العون والمساعدة بأشكالها المختلفة والتي يأتي في مقدمتها الدعم المعنوي، لكفيل بتغيير تلك النظرة ورفع المعاناة.