مرض الفُصام، الذي يُعتبر أكثر الأمراض العقلية خطورةً وصعوبةً في العلاج ويُصاب به نحو 1% من البشر في مرحلة ما من مراحل حياتهم، ويُسبب مشاكل كثيرة وضغوطا نفسية لا يشعر بها إلا الشخص الذي عانى من وجود مريض فُصام يعيش وسط عائلته. أكثر عائلات مرضى الفُصام يعيشون حياة صعبة جداً، فوجود مريض فصامي وسط العائلة، يجعل الجو العام في العائلة صعبا، وكل فردٍ من أفراد العائلة يُعاني بصورةٍ ما. المريض الفُصامي يُعاني من هلاوس سمعية؛ حيث يسمع أصواتاً تكُلّمه كما يُكّلمه شخص حقيقي؛ قد يكون الصوت الذي يسمعه المريض الفُصامي، صوت شخص يؤنبه على أفعال لم يفعلها المريض، وهذا الأمر يُثير غضب المريض وأحياناً نسمعه يتحدث مع نفسه لكن في واقع الأمر أن المريض يتحدّث مع الأصوات التي يسمعها هو ولا نستطيع نحن سماعها، لأنها من أعراض مرض الفُصام. كذلك المريض الفُصامي قد يسمع مجموعة من الأصوات تتكلم عنه بضمير الغائب؛ مثل "هو شخص سيئ" أو صوت يُعلقّ على سلوكياته؛ مثلاً "إنه سوف يقوم من المقعد الآن ويذهب إلى المطبخ"، وهذا النوع الأخير من الهلاوس السمعية يسبب إرعاجاً شديداً لمريض الفُصام، وهناك أحياناً يسمع المريض أصواتاً تعُطي للمريض أوامر بشكلٍ مستديم مما يضطر المريض الفُصامي أن يقوم بتنفيذ بعض الأوامر هرباً من الهلاوس المؤذية. ففي بعض الحالات كانت الأوامر التي يُعطيها الصوت (الهلاوس) للمريض ضارة، ففي مرة طلب الصوت من المريض أن يُشعل النار في مكان عمله والذي كان عبارة عن مستودع ضخم كلفّ أكثر من ستة ملايين ريال، وفي مرةٍ طلب الصوت من المريض أن يقتل شخصاً، وبالفعل قام المريض الفُصامي بقتل هذا الشخص القريب منه. نسبة الذكاء أيضاً تلعب دوراً في المساعدة على التشخيص إذا تركنا الهلاوس وخطورتها فإن هناك الضلالات (عبارة عن أفكار غير صحيحة، غير قابلة للمناقشة مع المريض ولا يتزعزع إيمانه بها، حيث تكون مُترسّخة ولا تتماشى مع الثقافة السائدة في المجتمع). هناك أنواع متعددة من الضلالات، منها الضلالات الزورانية، وهي ضلالات اضطهادية، حيث يشعر المريض بأنه مُستهدف بالإيذاء من أشخاص أحياناً لا يعرفهم بشكلٍ جيد وكذلك ربما لا يعرفهم البتة ولكن نتيجة المرض (مرض الفُصام) الذي من أعراضه الضلالات، قد تجعل المريض يحمل هذه الأفكار وهي خطيرة، حيث إن المريض بالفصام الزوراني، قد يرتكب جرائم ضد أشخاص لا يعرفهم بسبب ضلالات المرض، فمراتٍ يقتلهم، ومرات يُخطط لقتلهم ولكن قد يتم معرفة خطته إذا ذهب إلى طبيب نفسي أو شك في تصرفات هذا المريض الفُصامي شخص وطلب من المريض الذهاب إلى طبيب نفسي للعلاج، ويتحدث المريض عن هذه الضلالات بشكلٍ طبيعي، ويُعلن عن تأكيد هذه الضلالات وبعزمه على فعل ما كان قد قرره في بداية المرض ولكن مرضى الفصام الزوراني قد يستجيبون للعلاج بصورة أفضل من بعض انواع الفُصام الآخرى. مرض الفُصام يحدث عند الأطفال تدهور شخصية المريض من أعراض الفُصام ايضاً تدهور شخصية المريض، ويُصبح شخصاً غير قادر على تسيير أمور حياته، ويُصبح لا يستطيع فعل أشياء بسيطة مثل؛ العناية بهندامه ونظافته الشخصية وكذلك يُصبح غير قادر على تسيير أموره المالية. كثيراً ما نرى اشخاصاً هائمين على وجوههم، يلبسون ملابس رثة جداً، قذرة، وشعره أشعث ولحيته غير مهُذبة، ويُقلّب في صناديق النفايات بحثاً عن شيء يحصل عليه مثل أكل أو ملابس، وللأسف هناك ملايين من هؤلاء المرضى الذين يُهيمون على وجوههم في العالم، وربما من نافلة القول نقول بأن مدينة مثل نيويورك يوجد في شوارعها حوالي مليوني مُشّرد يهيمون في الشوارع ومحطات القطارات الأرضية، ربما أكثر من 90% مرضى عقليين أكثرهم من مرضى الفُصام!. عند الأطفال والمراهقين بعد أن استعرضنا هذه الأعراض التي يتم على أساسها تشخيص مرض الفُصام في البالغين، فكيف يكون الأمر عند الأطفال والمراهقين؟. بعض الأطباء يرفضون فكرة أن يكون هناك أطفال مصابون بمرض الفُصام هذا سؤال مطروح بقوة في ساحة العاملين في مجال الصحة النفسية للاطفال. بعض الأطباء يرفضون فكرة أن يكون هناك أطفال مصابون بمرض الفُصام، ولكن هناك أطباء آخرين متخصصين في الطب النفسي للأطفال يُقرون بوجود مرض الفُصام عند الأطفال، وإن كان بنسبة قليلة جداً. إن هناك صعوبة بالغة في تشخيص مرض الفُصام عند الأطفال، خاصةً في سنٍ مُبكرة. فتشخيص الفُصام يعتمد بشكل رئيس على الأعراض، خاصةً الهلاوس والضلالات وتدهور الحالة الاجتماعية للمريض الفُصامي، وهذه الأعراض من الصعب بشكل كبير أن يتم تشخيص طفل بهذه الأعراض المعقّدة. يعترف الأطباء الذين يعملون في الطب النفسي للأطفال بصعوبة تشخيص مرض الفُصام عند الأطفال، نظراً لأن مرحلة الطفولة تكون مليئة بالخيالات الطفولية الطبيعية والتي يمُكن أن تختلط بأعراض الفُصام، وكذلك تكون هناك صداقات خيالية في سن الطفولة وبالتالي يصعُب على الطبيب التفريق بين الأمور الحياتية العادية في حياة الطفل والعلاج المرضي لمرض الفُصام. بعض الأطباء يعتقدون بأن مرض الفُصام لا يمكن تشيخصه في سن الطفولة، ولكن بعض الأطباء يُقرّون بأن مرض الفُصام موجود بين الأطفال، حتى وإن كان بنسبةٍ قليلة جداً، حيث يُقّدر نسبة الإصابة بمرض الفُصام بين الأطفال حوالي 1 في كل 400000 (أربعمائة الف)، ويعتقدون بأن أعراض مرض الفُصام يمكن تشيخصها للأطباء الذين يعملون مع الأطفال، ويحتاج الأمر إلى خبرة في هذا المجال. الأعراض التي يعتمد عليها الأطباء في تشيخص مرض الفُصام عند الأطفال، هي أعراض ذُهانية واضحة عند الأطفال تختلف عن التخّيلات عند الأطفال العاديين، أو ما يحدث في مرحلة الطفولة من تصّورات بوجود أصدقاء وهميين يتعامل معهم الطفل خلال اللعب، خاصةً في الوقت الحاضر بوجود أفلام تجنح للخيال بصورٍ مُبالغ فيها، وكذلك ألعاب الفيديو التي تُحفّز الخيال عند الأطفال بصورة كبيرة. الأطفال الذين يُعانون من مرض الفُصام يكون هناك اضطراب واضح في تفكيرهم وسلوكياتهم ويُرافق ذلك التدهور الدراسي وغرابة السلوكيات والتفكير عن الأطفال العاديين. هناك صعوبة بالغة في تشخيص مرض الفُصام عند الأطفال نسبة الذكاء أيضاً تلعب دوراً في المساعدة على التشخيص، فكلما كان مستوى الذكاء أقل كانت الصعوبة أكثر في التشخيص. وإذا كان الطفل لديه تدنٍ في مستوى الذكاء مع مرض الفُصام فإن ذلك يُصّعب عملية العلاج وتكون النتيجة في أكثر الأحيان هو عدم التحسّن من المرض وتدهور الطفل مع نموه العمرُي ويُصبح مريض فُصام حتى بعد أن يتجاوز مرحلة المراهقة. تشخيص الطفل تشخيص الطفل بمرض الفُصام قبل سن الخامسة من العمر نادر جداً وربما من الصعب إن لم يكن من المستحيل تشخيص طفل في هذه المرحلة العمرية بمرض الفصام. بعض الأطباء المتُخصصين في الطب النفسي للأطفال يقولون بأنه يمكن تشخيص الطفل بمرض الفُصام في سن السبع سنوات وما فوقها. تشخيص الطفل بمرض الفُصام، أمرٌ في غاية الأهمية، لأن هذا التشخيص يعني مرحلة صبعة بالنسبة لأهل الطفل وكذلك للطفل نفسه، وهذه وصمة قوية يجب عل الطبيب أن يتوخى الحذر الشديد في تشخيص طفل بمرض كالفُصام، لأنه كما أسلفنا يُعتبر تدميرا شبه كامل لحياة عادية للطفل، ودخول أهله في دواّمةٍ من المُعاناة التي تمتد على مدى حياة الطفل، فهذا المرض إن بدأ في سنٍ مُبكّرة يكون المآل غير جيد في المستقبل، وكما ذكرنا سابقاً بأن تشخيص طفل بمرض الفُصام يُعتبر نهاية معنوية للطفل ومعاناةٍ لا يعلم مداها إلا الله ثم الأشخاص الذين مروّا بنفس التجربة. أكثر الأمراض العقلية خطورةً وصعوبةً في العلاج شاهدت في إحدى حلقات المذيعة الأمريكية الشهيرة أوبرا وينفري، برنامجاً عن حياة طفلتين مُصابتين بمرض الفُصام، وكيف كانت حياة أهل كل طفلة. كان أحد الوالدين لكل طفلة يجب أن يكون مرافقاً لطفلته، فلا يستطيعوا ترك الطفلة بدون أن يكون واحداً من الوالدين مع الطفلة. كانت الطفلتان تتحدثان عن هلاوس سمعية وبصرية واضطرابات سلوكية صعبة أن تُحتمل في الحياة العادية، لذلك كان لابد أن يكون أحد الوالدين مع الطفلة حتى لا تؤذي نفسها أو تؤذي بقية أفراد العائلة. كان وضع الأسرة مُزرياً لوجود طفلة مريضة بمرض الفُصام. حسب البرنامج التلفزيوني هذا، فمرض الفُصام يحدث عند الأطفال، وكان هناك في البرنامج أطباء نفسيون مُتخصصون في الطب النفسي للأطفال، وناقشوا هذه القضية بتوّسع. المشكلة الكُبرى هي في العلاج. فبعض الأدوية المضادة للذُهان والتي يُعالج بها مرضى الفُصام البالغين، تكون غير أمينة في علاج الأطفال، نظراً للأعراض الجانبية السلبية على الأطفال ونموهم، ولكن أحياناً لابد من التدخّل بأدوية مع مراقبة دقيقة للطفل وإيقاف العلاج عنه متى ظهرت بوادر الأعراض الجانبية.