ها نحن نودع عاماً قد مضى ونستقبل آخر فبالأمس استقبلنا عامنا هذا وها نحن نودعه فقد انتهى التقويم بعد ان مرت عليه الايام والشهور مسطرة رحلاتها ممزقة صفحاتها حاملة ذكريات قد مضت معلنة نهاية المطاف فكل يوم تشرق فيه الشمس وتغرب يولد امل ويفقد ولكن هل تفكرنا اذا غربت الشمس دون شروق فماذا اعددنا لذلك اليوم؟ ان الحياة تمر على الانسان بسرعة فلا يحس بمرورها سريعة الا من تفكر فيها فقد تسارع الزمان الشهر كالاسبوع والاسبوع كاليوم واليوم كالساعة فكيف مر علينا فهل ودعناه بالاعمال الصالحة فنزداد من الخيرات والحسنات ام ودعناه بالسيئات فينبغي ان نتوب. نعم قصرنا في عامنا الماضي فكم من قاطع رحم لم يصل رحمه وكم من عاص لم يرتدع عن معصيته فماذا ننتظر؟ قيام الساعة ؟ هاهي علاماتها تُرى رأي العين: الحديد وقد نطق والبنيان وقد تطاول والقرآن هاهو يمزق فلنحرص في هذه السنة الجديدة المقبلة على ان نفتح صفحات بيضاء ونسير مع شاعرنا اذ قال: عجباً أيسبقنا الزمان ولا نفيق من السباتْ ونفوسنا تهفو الى شهواتها متعلقاتْ آمالنا طالت لتخ ترق المدى والأمنياتْ نعدو كأن سباقنا من اجل تلك المغرياتْ كلنا خطاؤون وخير الخطائين التوابون لنبدأ سويا عاماً تتجدد فيه الحياة من جديد فلا خير في الحياة الا بطاعة الله ولا خير في ساعة نقضيها بعيدا عن ذكر الله فها هي دعوة من قلب صادق لمن شغلتهم الدنيا عن الآخرة فرجال الاعمال اليوم يتنافسون على اخراج كل ما لديهم من جديد مستبعدين قرب اجلهم متيقنين انهم سيعمرون فيها لأمد بعيد. فكم من صغار يرتجى طول عمرهم وقد لبسوا اكفانهم ليلة القدر فالناس اليوم يتهادون التقاويم السنوية الجديدة داعين بالخير فيها لا يعلمون اسيشهدون عاما آخر بعد عامهم هذا فكم من نفس أتاها اجلها ما بين صديق واخ ورضيع فمن منا اليوم يضمن ان يعيش لغده وان عاش لغده اسيقضيه فيما يرضي الله فقد جاء رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يارسول الله من خير الناس؟ قال : (من طال عمره وحسن عمله فقال ومن شر الناس قال من طال عمره وساء عمله). فلنغتنم هذه السنة الجديدة ونكفر عن كل ما قصرنا به ونعمل لآخرتنا قبل دنو اجلنا فماذا ننتظر في هذه الحياة فقد اقسم الله سبحانه وتعالى بأن كل من على الارض خاسر (والعصر ان الانسان لفي خسر). وقال الشافعي في شأن هذه السورة لو لم ينزل الله الا هذه السورة لكفتكم. ولنغتنم هذه الحياة فلا يحس بقيمة الحياة الا الاموات. فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم (اغتنموا خمسا قبل خمس (ذكر منها) الحياة قبل الموت والصحة قبل المرض). ولنا في سلفنا الصالح اسوة حسنة حينما قالوا: (ان الدنيا اذا حلت أوحلت وان كست أوكست وكم من ملك رفعت له علامات فلما علا مات).