الحمد لله القائل: «كل شيء هالك إلا وجهه»، والقائل: «إنك ميت وإنهم ميتون»، والصلاة والسلام على نبينا محمد القائل: )أكثروا من ذكر هادم اللذات(، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، وبعد: فإن الموت حق وكل الناس ذائقه قال تعالى: «كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة»، فالموت أجل مكتوب، وحدث جلل مرهوب، وأمر واقع، ما له من دافع، لا مرد له ولا شافع، كفى به واعظاً، ومن الغفلة موقظاً، فسبحان من جعل لكل عمل حساباً ولكل أجل كتاباً. وفي يوم السبت الموافق 15/12/1421ه إثر حادث مروري أليم ودعت مدينة حائل حاضرة وبادية علماً من أعلامها، ورائداً من روادها، وواحداً من أبنائها البررة المخلصين المجاهدين في ميادين العلم والعمل والدعوة ذلكم هو فضيلة الشيخ الداعية سليمان بن عامر العامر رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته وتجاوز عنا وعنه بمنه وكرمه آمين. لقد كان الشيخ سليمان رحمه الله نعم الرجل ونعم الشيخ ونعم المربي ونعم الداعية وذلك لما يتمتع به رحمه الله من طيب الأخلاق وحسن المعشر وحب الخير يشهد بذلك القاصي والداني، وإن مما يبشر بالخير له كثرة المصلين عليه حيث امتلأ الجامع الكبير بمدينة حائل عن بكرة أبيه وغصت الطرق المؤدية إلى المقبرة بالمشيعين والمعزين وكانت جنازة مشهودة، ونعاه الناس وعزى فيه الأمراء والعلماء والوجهاء والفضلاء وأعيان منطقة حائل وأهلها عامة فهو محبوب لدى الجميع ونحسبه ولا نزكي على الله أحدا ممن قال فيهم المولى : «إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا». وليس هو فقيد أسرته فقط وإنما فقيد حائل عامة وكل من يعرفه خاصة نحسبه كذلك غفر الله له ولا نزكي على الله أحدا. وإن مما يعزي الجميع فيه سابق أعماله في الخير والإصلاح والدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتعليم وتحفيظ القرآن ومحبة الناس له، وتلك عاجل بشرى المؤمن فالناس شهود الله في أرضه، فالشيخ سليمان من قدامى خريجي كلية الشريعة والمعهد العالي للقضاء وعمل في التعليم وعمل مديرا لمركز الدعوة والإرشاد بحائل ثم مديرا عاما لفرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة حائل، وعمل رئيساً لجمعية تحفيظ القرآن الكريم بحائل، وعضواً في مجلس منطقة حائل، وعضواً في مجلس جمعية الملك عبدالعزيز للخدمات الاجتماعية بحائل وعضواً في لجنة إصلاح ذات البين. لقد سخر الفقيد رحمه الله علمه وخبرته وما لديه من جهد وطاقة في نفع دينه ومجتمعه ووطنه، فمجلسه بالذكر معمور، ووقته بالخير موفور، أفنى عمره بالدعوة الى الله وبذل النصيحة للمسلمين عن طريق الدروس والمحاضرات في المدن والهجر، إن رأيت مجلسه رأيت جمعاً غفيراً هذا يسأل حاجة وهذا يريد فتوى وذاك يطلب شفاعة، وكان رحمه الله يحرص على إصلاح ذات البين وبخاصة المشاكل الزوجية، والأسرية.. لقد كان موته مصاباً جللاً على قلوب محبيه وعارفيه ممن شرفوا بصحبته والتتلمذ على يديه والنهل من علمه ممن لمسوا جده واجتهاده في العمل واحتسابه في الخير وقيامه للدعوة إلى الله تعالى، وضربه في كل طريق من طرق الشهامة والمروءة والكرم بسهم فلقد كان عالما عاملاً ومؤمنا صادقا يحب الخير لغيره نافعا باذلا للجاه والمال والشفاعة بشوشا لطيفا بأحبابه وطلابه وزواره، رحيماً بالمساكين وذوي الحاجات، هكذا عرفته ولا أزكي على الله أحدا أحسبه كذلك والله حسيب الجميع. ومما يزيد أحبابه عزاء ما خلفه ولله الحمد من أبناء بررة رزقهم الله مع والدهم رحمه الله بسهم كبير من العلم والخير والصلاح والدعوة إلى الله، فقد أحسن تربيتهم وتعليمهم بعد توفيق الله لهم جميعاً، وأسأل الله لهم التوفيق، وأن يعينهم على سد الثغرة التي تركها والدهم وأن يكونوا خير خلف لخير سلف في خدمة دينهم ومجتمعهم وبلادهم بحول الله تعالى. ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا لفراقك يا أبا حمود لمحزونون، وإن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى، ولا نقول إلا كما يقول الصابرون: «إنا لله وإنا إليه راجعون» ، وأحسن الله عزاءنا جميعا وجبر مصيبتنا فيه وأعظم الله أجر ذوي الفقيد والهمهم جميل الصبر والسلوان والاحتساب. أسأل المولى بمنه وكرمه أن يغفر له ويعلي درجته في المهديين، وأن يخلفه في عقبه في الغابرين، وان يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته، وأن يحسن للجميع الختام آمين. عبدالكريم بن عبدالمحسن التركي