الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد.. ها أنتم الآن في أيام عظيمة وأزمنة شريفة تكون الفضائل وأبواب الخيرات لا تدرك بقياس ولا عقل فأين أهل الجد ولتشمر وأين أهل الخير والمنافسة.. هذه أبواب العبادات قد فتحت وهذه طرق كسب الحسنات قد هيئت في هذه الأيام فالحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة، تفقدوا المحتاجين والفقراء والأيتام وأحسنوا إن الله يحب المحسنين، ضحوا يوم العيد وأيام التشريق تقرباً إلى الله واقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، فلقد أقام بالمدينة عشر سنين يضحي، فمن قدر على الأضحية فلا ينبغي له تركها، فعنه صلى الله عليه وسلم انه قال: «من وجد سعة فلم يضح فلا يقربن مصلانا» رواه الإمام أحمد وابن ماجه ولكن سداد الدين أهم وأولى من الأضحية، وذبح الأضحية أفضل من الصدقة بثمنها فإن اراقة الدم عبادة مقصودة قرنت بالصلاة كما قال تعالى: «فصل لربك وانحر» والأضحية من شرائع الدين وفيها توسعة على الأهل والأقربين وعلى الفقراء والمحتاجين وهي دليل على تعظيم شعائر الله «ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب». أما يوم عرفة يوم التمام والكمال اليوم الذي أنزل الله فيه على رسوله «اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا». صيام هذا اليوم سئل عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يكفر السنة الماضية والسنة القابلة»، رواه مسلم. فمن صام هذا اليوم من غير الحجاج بصدق واخلاص ودعاء عند الغروب بقلب منيب فما أقرب الاجابة فالله أكرم من عباده وقد قال أهل العلم: إن العتق من النار في ذلك اليوم عام لجميع المسلمين الحجاج وغيرهم. أما أنتم أيها الحجاج فإن يومكم يوم مشهود .. روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من يوم أكثر من ان يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة، وانه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء، ما الذي جعلهم يفارقون الأولاد والأوطان إلا ابتغاء مرضاتي وامتثال أمري» وروى الإمام أحمد بإسناد صحيح، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن الله يباهي بأهل عرفات أهل السماء فيقول لهم: انظروا إلى عبادي جاءوني شعثاً غبراً». إنه يوم عيد لأهل ذلك الموقف والدعاء فيه له مزية على غيره قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «خير الدعاء دعاء عرفة وخير ما قلت انا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير». فحري بالمسلم ان يشغل هذا اليوم بهذا الذكر وغيره وليكثر من التضرع والدعاء وليحسن الظن بربه فإنه جواد كريم فهنيئاً لمن وقف في ذلك الموقف.