شهدت مدينة الرياض نموا سريعا وتطورا شاملا في شتى مجالات التنمية، بما في ذلك مجال النقل والمواصلات. وصاحب هذا التطور زيادة في النمو السكاني، إذ يقدر عدد سكان الرياض الآن بأكثر من أربعة ملايين نسمة، مع ارتفاع مستوى المعيشة الاقتصادي وتغير نمط الحياة، ويتمثل ذلك بصفة خاصة في تزايد أعداد السائقين غير السعوديين لاعتماد كثير من الأسر والمؤسسات الخاصة والشركات على هؤلاء السائقين. وقد نجم عن ذلك زيادة ملحوظة في نسبة ملكية السيارات الخاصة واستخدامها نظرا لسهولة امتلاكها من جهة، ولأن سكان المملكة ما زالوا غير مقتنعين باستخدام وسائل النقل العام كالحافلات والمركبات ذات السعة العالية من جهة ثانية. وأدت هذه العوامل جميعها الى تزايد في ضغط حركة المرور على الطرق داخل المدينة، وبالتالي الى تزايد مشكلة الازدحام والاختناقات المرورية على شبكة الطرق في المدينة. وأخذ الازدحام المروري في بعض مقاطع الطرق بمدينة الرياض يمتد لفترات طويلة يوميا، الأمر الذي يستوجب دراسة أداء هذه الطرق والتعرف على المواقع التي تعاني من اختناقات مرورية ورفع مستوى سلامة وانسيابية الحركة المرورية في تلك المواقع حفاظا على وقت الناس وراحتهم. ومن الملاحظ أن أغلب الرحلات اليومية في مدينة الرياض تسلك طريقين رئيسيين هما طريق الملك فهد وطريق مكةالمكرمة بالإضافة الى الطريق الدائري، حيث ان معظم السائقين يفضلون استخدام الطريقين المذكورين تفاديا للانتظار الطويل الحاصل عند الاشارات الضوئية الموجودة في الطرق الشريانية، وربما يكون سبب ذلك عدم توفر التشغيل الأمثل للاشارات الضوئية. وهذه الكثافة المرورية الحاصلة على الطريقين الرئيسيين تنتج عنها اختناقات مرورية في بعض المقاطع على امتدادهما، الأمر الذي يستدعي السعي بصورة مستمرة لتحديث وتحسين كفاءة تلك الطرق السريعة مما يكفل استيعاب الأحجام المرورية المتزايدة ويضمن انسيابية الحركة المرورية بصورة جيدة. وقد أوضحت المسوحات الميدانية التي أجرتها الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض ان حجم الحركة المرورية على بعض مقاطع المسار السريع للجزء الأوسط من طريق الملك فهد قد تعدى 320 ألف مركبة يوميا، أي ما يفوق الطاقة الاستيعابية التصميمية له والتي تبلغ 160 ألف مركبة يوميا. وتقاس الطاقة الاستيعابية التصميمية لطريق ما بأكبر حجم للحركة المرورية يمكن ان يتلقاه هذا الطريق مع المحافظة على مستوى الخدمة المرورية بشكل مقبول، وبالتالي فإن زيادة حجم المركبة المرورية عن الطاقة الاستيعابية التصميمية تعني تدني مستوى الخدمة المرورية الى ما دون المستوى المقبول. كما أوضحت الدراسات التشخيصية ان التزايد السريع لحجم الحركة المرورية المستخدمة لطريق الملك فهد يعود الى عدة أسباب أهمها: التطور السريع في استغلال الأراضي المجاورة لهذا الطريق، ضعف أداء الطرق المرادفة لهذا الطريق، خصائص التنقل القائمة مثل الاعتماد على وسيلة النقل الخاصة وضعف مشاركة النقل العام وضعف مشاركة النقل المدرسي الجماعي. وأما بخصوص خصائص التنقل بالمدينة فقد أوضحت المسوحات المنزلية والقياسات الميدانية التي أنجزتها الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض مؤخرا ان عدد الرحلات المتولدة من كل وحدة سكنية قد زاد على 8 رحلات يوميا، كما أوضحت نماذج محاكاة حركة المرور الرياضية ان أكثر من 25% من الرحلات اليومية هي رحلات مدرسية، وهذا كله يعتبر عاليا جدا إذا ما قورن بمثيله في العديد من الدول المتقدمة، الأمر الذي يستوجب البحث عن مسببات العدد المرتفع من الرحلات المتولدة والبحث في إمكانية وسبل ترشيد توليد الرحلات المرورية. وتشير الأرقام والإحصائيات الى ان هناك زيادة سريعة في حركة المرور اليومية في مدينة الرياض. وفي دراسة أنجزتها الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض يتبين ان إجمالي عدد الرحلات اليومية المتولدة في مدينة الرياض في الحاضر يبلغ ما يقارب خمسة ملايين رحلة، وأن عدد الساعات المقطوعة على الطرق يوميا يقارب المليون ساعة، وأن السرعة المتوسطة للمركبات التي تسير عليها هي في حدود 50 كم/ساعة. فيما تشير الدراسة الى أن العدد المتوقع الاجمالي للرحلات اليومية المتولدة لعام 2010م سيناهز ثمانية ملايين رحلة، وسيكون عدد الساعات المقطوعة يوميا حوالي ثلاثة ملايين ساعة، والسرعة المتوسطة 20 كم/ساعة تقريبا. وكما أشرنا من قبل فإن أهم الطرق التي تؤمن حركة المرور بالاتجاه شمالا وجنوبا هو طريق الملك فهد الذي يعتبر أحد المحاور الرئيسية لشبكة الطرق بمدينة الرياض، وهو يربط كلا من شمال المدينةوجنوبها بوسطها. ويساهم هذا الطريق عدا عن ذلك في إنعاش وسط المدينة وتأهيله ليستمر في أداء دوره كمركز سياسي وإداري وتجاري رئيسي للمدينة وذلك بتيسير سبل الوصول الى هذه المنطقة من مختلف أجزاء المدينة. ويعتبر طريق مكةالمكرمة المحور الرئيسي الوحيد الذي يربط شرق المدينة بغربها مرورا بوسطها. ويلتقي الطريقان مع بعضهما في مركز المدينة الجغرافي ويعتبر كل منهما بمثابة العمود الفقري لها، وهما يوزعان حركة المرور لكافة أجزائها. وقد تم تصميم هذين المحورين كطرق سريعة حرة الحركة ذات مداخل محكمة وبتقاطعات ذات مستويات متعددة عند نقاط التقائها بشوارع المدينة. وقد شهدت تلك الطرق السريعة إقبالا شديدا من السائقين، الأمر الذي انعكس على مستوى الخدمة على هذه الطرق الحيوية الهامة. فعند وجود حادث أو تعطل سيارة أو إغلاق أحد المسارات لأعمال الصيانة.. الخ، يحدث ازدحام واختناقات مرورية علي ذلك الطريق، ولو زود السائق بمعلومات واضحة وآنية عن حركة السير في الطريق الذي أمامه والذي يعاني من ازدحام مروري نتيجة لأي حدث ما فإنه سوف يستخدم طريقا آخر بديلا عنه. وحيث ان مدينة الرياض لديها مركز متابعة وتحكم مروري مجهز بأحدث التقنيات ومنها الكاميرات المنتشرة على طول الطرق السريعة التي تزود هذا المركز بمعلومات عن وضع الطرق، فإنه من الممكن وضع لوحات إلكترونية على جانبي الطريق موصلة بمركز التحكم المروري تزود مستخدمي الطريق بمعلومات واضحة وآنية عن وضع الطريق الذي أمامهم، وبالتالي تساعد المستخدم في اتخاذ قرار بالاستمرار في الطريق أو بالخروج منه عبر أحد المخارج وتغييره الى طريق آخر. وتعاني بعض عناصر شبكة الطرق بمدينة الرياض من اختناقات مرورية متكررة يوميا. كما توضح النماذج الرياضية الخاصة بهذه الشبكة ان الطلب على استخدام هذه الطرق الحيوية سيستمر بالازدياد في ضوء التطور الاقتصادي والعمراني الذي تشهده المدينة بشكل عام. ويوجد بعض نقاط الضعف على امتداد الطريقين الرئيسين، طريق الملك فهد وطريق مكةالمكرمة. وتتعلق نقاط الضعف هذه بشكل أساسي ببعض المداخل والمخارج التي لم يتم تصميمها بطريقة جيدة. ومن الواضح ان حالة بعض المعابر تسبب مخاطر مرورية وتؤدي الى اختناقات مرورية على الطرق السريعة وتخلف مشاكل تشغيلية بسبب قصر مسافات التموج. ومما لا شك فيه ان مشكلة الازدحام والاختناقات المرورية تعاني منها اكثر الدول في العالم، ومعظم الدراسات المتعلقة بأحوال المرور في تلك الدول أوضحت أنه في كثير من الأحيان لا يكون الحل الأمثل لتلك المشاكل هو بناء المزيد من الطرق والكباري المكلفة، وإنما محاولة استخدام الطرق القائمة استخداما أمثل لزيادة قدرتها الاستيعابية، ومن ثم تخفيف الازدحام والاختناقات المرورية عليها. ولا يخفى على المتابع ان الطلب على هذه الطرق السريعة يفوق طاقته الاستيعابية، حيث ان هناك طلبا مخفيا للتنقل باستخدام تلك الطرق السريعة. ولكنه نظرا لأن ازدحام تلك الطرق يؤدي الى جعل هذا الطلب يتوزع على باقي الطرق الأخرى، فإنه مهما أنشئ من طرق سريعة فإنها سوف تزدحم. ولذلك تم اقتراح بعض الحلول الكفيلة بتحسين حركة المرور على طريقي الملك فهد ومكةالمكرمة، وهذه الاقتراحات تحتاج الى دراسة أكثر لاختيار الأفضل منها. ومن ضمن الحلول المقترحة: ضرورة استخدام التقنية الحديثة في هندسة المرور من أجل مراقبة حركة المرور بسهولة، ومن أجل التشغيل الأمثل لشبكة الطرق في المدينة، وتخفيف مشاكل الازدحام والاختناقات المرورية على الطرق، وتحسين مستوى السلامة المرورية لها. وتستطيع ادارة المرور رفع مستوى الأداء المروري بزيادة السعة التشغيلية للطرق من خلال توفير وسائل واجراءات للحصول على حركة مرورية ذات مستوى عال من السهولة واليسر، ومن هذه الاجراءات: تحكم مروري فعال لمراقبة حركة المرور على الطرق السريعة، والتحكم في مداخل ومعابر الطرق السريعة من الطرق الفرعية عن طريق الدخول المحدد بالوقت، واستخدام نظام التعليمات المرورية للسائقين من خلال الوسائل والشواخص المرورية المتغيرة، واللوحات الإرشادية، أو إشارات تحديد خطوط السير، واستخدام الإذاعة المرورية، والاستخدام المؤقت لاكتاف الطرق كمسارات اضافية عن الحاجة، وتقديم مزايا تشجيعية خاصة للمركبات ذات السعة العالية كالحافلات من خلال تحديد مساراتها وتحديد بعض مداخل الطرق السريعة الخاصة بها، وإدارة وتنظيم المواقف، وتخفيض أو منع مرور الشاحنات في مناطق الازدحام. ومن ضمن الاقتراحات ايضا التحكم في مداخل ومعابر الطرق السريعة من الطرق الفرعية عن طريق استخدام اشارات ضوئية وحساسات على الطرق السريعة القريبة من المداخل، فعندما يكون حجم الحركة المرورية قليلا على الطريق السريع فإن الاشارة على المدخل تضيء اللون الأخضر، وعندما يكون حجم الحركة المرورية كبيرا على الطريق السريع فإنها تضيء اللون الأحمر، مع إعطاء حد أقصى لزمن الإشارة الحمراء. وعلى هذا النحو يمكن التحكم بحجم الحركة المرورية التي تدخل على الطرق السريعة وبالتالي تقليل حدة الازدحام وتحسين مستوى السلامة المرورية على الطرق السريعة. ومن بين الحلول التي سيكون لها أثر مباشر بإذن الله في تخفيف الازدحام القائم والمتزايد على طريقي الملك فهد ومكةالمكرمة تطوير وتحسين الطرق المساندة لهذين الطريقين، وذلك عن طريق رفع مستوى بعض أجزاء الطرق الشريانية الرئيسية في المدينة للاسهام بشكل فعال في توفير الخدمة المرورية للرحلات المتنقلة بين مناطق شرق المدينة وغربها، وبين شمالها وجنوبها مرورا بوسطها. ويمكن إلزام بعض السائقين بعدم استخدام بعض الطرق المزدحمة مثل طريقي الملك فهد ومكةالمكرمة عن طريق الغاء بعض المخارج الفرعية، وبالتالي سيضطر بعض السائقين الى استخدام طرق أخرى بديلة، لأنهم لو استخدموا تلك الطرق السريعة فإنهم سينفقون وقتا أطول للوصول الى غايتهم بينما يمكنهم ان يسلكوا طرقا أخرى بديلة وبوقت أقصر. ويعتبر الطريق الدائري أحد المحاور الرئيسية الثلاثة لشبكة الطرق في مدينة الرياض، إذ إنه باعتباره أهم طريق يربط المدينة بشكل دائري إنما يقوم بتوزيع الحركة المرورية وتيسيرها. ويلاحظ ان بعض مقاطع الضلع الشرقي للطريق الدائري يعاني من اختناقات مرورية وذلك بسبب عدم تصميم تلك المخارج بطريقة جيدة، حيث ان طاقتها الاستيعابية لا تفي بحجم الحركة المرورية الحالية. اضافة الى سوء ضبط الاشارة الضوئية حسب الضغط المروري، وهذا مما يتسبب في تكدس السيارات عند المخارج بشكل صفوف طويلة تمتد الى الطريق الدائري السريع، مما يسبب حدوث اختناقات مرورية عليه. ومن هنا أوجه بعض المقترحات التي أرجو ان تسهم في حل المشكلة، أولا: ضرورة تعديل برمجة الاشارات الضوئية لتلك التقاطعات، وتعديل التوقيت حسب الضغط المروري لتحسين انسيابية الحركة المرورية، ثانيا: نقل المخرجين رقمي 9 و 10 اللذين يربطان الطريق الدائري بطريق الخدمة مسافة 500 متر جنوب موقعهما الحالي. ومن ضمن الحلول المقترحة أيضا لتقليل مشكلة الازدحام المروري تخفيض الطلب على النقل ويتم ذلك عن طريق زيادة تكلفة استخدام السيارة الخاصة، أي إنه بزيادة السعر عموما يمكن تخفيض كمية الطلب. ويمكن تحقيق ذلك عن طريق رفع أسعار البنزين والذي بدوره سيقلل من استخدام السيارات الخاصة وجعله قاصرا على الأمور الضرورية والهامة، ومن ثم سيلجأ بعض الناس الى استخدام وسائل أخرى بديلة مثل استخدام النقل بالحافلات )النقل الجماعي(، ومن هنا نرى ان رفع أسعار البنزين سيقلل من عدد المركبات التي تسير على الطرق، مما سيساهم في تحسين مستوى خدماتها المرورية ويقلل من الحوادث عليها، ويعود هذا كله بالفائدة على الاقتصاد الوطني. ومن الممكن أيضا تخفيض كمية الطلب على النقل عن طريق فرض رسوم على مستخدمي بعض الطرق السريعة داخل المدينة عن طريق بوابات تستخدم لهذا الغرض وذلك لتقليل عدد المركبات التي تستخدم هذه الطرق كما هو معمول به في بعض الدول المتقدمة، وسيترتب على ذلك ان يسلك بعض السائقين طرقا أخرى بديلة أقل كثافة مرورية. وبالامكان تخفيض الطلب على النقل عن طريق تشجيع الناس وتحفيزهم على استخدام السيارة لأكثر من شخص واحد. ويمكن تطبيق هذا المبدأ بواسطة اعطاء هذه السيارات مزايا خاصة مثل تخصيص الحارة اليسرى من الطريق السريع فقط للسيارات التي يكون بها أكثر من شخص واحد، بحيث توضع علامات على جانبي الطريق أو على سطح الطريق توضح ذلك. ويمكن صياغة نظام أو لائحة خاصة بذلك من قبل إدارة المرور تنص على أن من يخالف ذلك تعطى له مخالفة مرورية، وذلك للحد من عدد السيارات التي تتجول داخل المدينة وبداخلها شخص واحد. وهذا الحل سوف يساعد على تقليل حجم الحركة المرورية ورفع مستوى الأمان على الطرق. كما ان ترشيد استخدام السيارات الخاصة يتم من خلال تطوير نظام نقل عام فاعل ومعتمد وسريع يفي بمتطلبات التنقل بالمدينة ويرقى الى المستوى الحضري المطلوب. وهذا يتطلب إعطاء وسائل النقل العام امتيازات تشجع الركاب على استخدام وسائل النقل العام الأكثر كفاءة مثل النقل الجماعي، ومن هذه الامتيازات تخفيض الأجرة بنسبة معينة خلال أوقات الذروة وتخصيص مسار خاص للنقل العام لتقليل زمن الرحلة وزيادة الثقة بخدماتها. بالاضافة الى ضرورة ايجاد نظام للنقل المدرسي )النقل المدرسي التعاوني( لتقليل أعداد السيارات الخاصة داخل شوارع المدينة ولتخفيف العبء على الحركة المرورية بالشوارع خاصة وقت ذهاب الطلبة لمدارسهم وانصرافهم منها وهو يتزامن مع ذهاب الموظفين، وانصرافهم غالبا. ومن ضمن الحلول المقترحة لتخفيض الطلب على النقل تغيير ساعات الذروة بواسطة إعادة جدولة ساعات العمل، حيث إن معظم الرحلات اليومية التي تتم خلال ساعات الذروة في المدينة هي رحلات عمل، وبالتالي فإن تعديل أوقات بدء العمل وانتهائه وجعلها عند ساعات مختلفة في اليوم من شأنه إعادة توزيع فترات الذروة ومدها الى ساعات أكثر وذلك لتقليل الاختناقات المرورية. كما بات من الضروري إعادة برمجة وتنسيق الاشارات لكثير من التقاطعات داخل المدينة وتعديل التوقيت حسب الكثافة المرورية لكل اتجاه لزيادة انسيابية الحركة المرورية، حيث إنه من الملاحظ ان متوسط طول دورة الاشارة لكثير من الاشارات الضوئية طويل نوعا ما، وهذا بدوره يؤدي الى تكدس السيارات في التقاطعات والذي ينعكس على أداء الشبكة بشكل عام ويرتفع بذلك زمن الرحلة ويزداد الوقت المهدر. وكذلك يقتضي الأمر إلزام أصحاب المنشآت العمرانية الكبرى الراغبين في إنشاء صروح معمارية بعمل دراسات مرورية تراعي تأثير تلك المنشآت على الحركة المرورية ومن ضمنها ايجاد حلول لمواقف السيارات. وأخيرا فإن التوسع الضخم في مشكلة الطرق قد ضاعف من الطلب عليها مما أدى الى تفاقم مشكة الازدحام المروري، وتأثير هذه المشكلة لا يقتصر على الفرد من خلال الوقت المهدر أو الجهد الجسماني أو التوتر العصبي والنفسي الذي يؤثر سلبا على أدائه لعمله وإنتاجيته، بل إن تأثيرها يطال المجتمع كله. فالازدحام المروري يؤثر سلبا على كل من الفرد والمجتمع وعلى الاقتصاد الوطني عموما نتيجة لزيادة الوقت المهدر. وليست المملكة البلد الوحيد الذي يعاني من مشكلة الازدحام والاختناقات المرورية، بل إن أكثر دول العالم تعاني منها، مما يستدعي معالجة أسباب المشكلة ومن ثم ايجاد الحلول المناسبة لها من خلال تقصير أزمنة الرحلات المتولدة باستخدام هندسة المرور. والحل الأمثل لتلك المشكلة لا يكون ببناء المزيد من الطرق والكباري والأنفاق المكلفة اقتصاديا والتي تسهم في زيادة الحركة المرورية مؤدية الى حصول اختناقات مرورية على شبكة الطرق في المدينة، فقد ثبت من التجارب في الدول الغربية ان التوسع في بناء المزيد من الطرق يشجع على استخدام السيارة الخاصة ويسبب بالتالي مزيدا من الازدحام والاختناقات المرورية. وأما الحل الأمثل لهذه المشكلة فهو محاولة استغلال الطرق القائمة استغلالا أمثل لزيادة قدرتها الاستيعابية وتقليل وقت الرحلة ومن ثم تخفيف الازدحام والاختناقات المرورية عليها. ' كلية الهندسة جامعة الملك سعود.