للقيادة التربوية الصحيحة صفات وسمات وعلامات كثيرة يتميز بها القائد الكفء عن غيره فهو بحكم الدراية والدراسة والخبرة والتجربة والممارسة الدقيقة و الطويلة والتخصص الدقيق صار قائدا تربويا، ومتى نقصت أو اختلت أو اعتلت هذه الصفات أو بعضها حصل الخلل والنقص في القيادة التربوية ونحن هنا نعلم علم اليقين ان الرسل صلوات ربي وسلامه عليهم أجمعين وخاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم كانوا بحق قادة تربويين في المقام الأول كما أننا نعلم علم اليقين أنهم أصحاب تميز قيادي تربوي قد أعدوا لهذه القيادة التربوية وهيئوا لذلك قبلا )والله أعلم حيث يجعل رسالته(، )ولتصنع على عيني( ولهذه الأسباب المميزة للرسل نجحوا في مهمتهم وقاموا برسالتهم خير قيام، ولنا بهم أسوة وفيهم أعظم قدوة لرجال التربية والتعليم في صحة ودقة الاختيار لمن نريده لهذا المنصب الهام وأخطاء الناس في كل وقت وحين في القيادة التربوية خاصة من سوء الاختيار أو عشوائيته أو عدم الاهتمام بهذا الجانب الكبير والهام أويترك لاعتبارات أخرى كثيرة يعرفها العوام قبل الخواص وهي في غالب الأمر مطية الاخفاق، وإذا أدخل في هذه المهنة العظيمة والشريفة من لا يعرف أصولها ولم يسبر جذورها وأغوارها حصل ما نشاهده كثيرا في دنيا الناس من أخطاء تربوية قد يصعب علاجها كثيرا فيما بعد وقد تترك آثارا سلبية على الأجيال القادمة فالتربية والتعليم لا يغامر بهما، والمدارس اليوم لم تعد مكانا للتجارب غير الأصلية ولا مكانا للاجتهادات غير الموثقة، ورجال التربية والتعليم وخاصة من المسلمين، جعلوا أطرا وقواعد متينة في التربية والتعليم للأخذ بها ولا مانع من إعمال الفكر التربوي ثانية وثالثة لكنني أؤكد على الفكر التربوي النبيل حيث الأمم قديمها وحديثها عانت كثيرا من الفكر الغث والتجارب غير الموفقة أحياناً والمدرسة الحديثة وبعد هذا العمر الطويل في التربية والتعليم يفترض فيها ألا تكون حقلا للتجارب، ولا ميدانا لتطبيق بعض الآراء التي لا تستند الى قاعدة تربوية متينة حيث إننا لا زلنا نسمع ونقرأ ونشاهد تذمر الناس في العالم الإسلامي خاصة من هذه التجارب وهذا الترقيع غير السديد، وإن مما يعيق التربية والتعليم كثيرا هذه الهوة السحيقة والمسافة البعيدة بين الذين يتصدرون للقيادة التربوية والذين يخططون للتربية والتعليم وهذه المسافة التي يحس بها من هم في الميدان تتراءى لهم بصور مختلفة وعلى قدر وعيهم وفهمهم وعمقهم وبعدهم المعرفي والتربوي، وهذا البعد وهذه المسافة تطول وتقصر حسب الفهم والادراك للقواعد التربوية المسلم بها وحسب كبر وصغر القضية المراد تطبيقها في الميدان، كما ان هذه المسافة بين المخطط والمنفذ تعوق التربية كثيرا عن تحقيق المطلوب منها من أهداف ومقاصد ومن ثم تفقد التربية أصالتها وقدرتها على التغيير العلمي والفكري والمعرفي والتربوي أيضا، كما ان هذه المسألة تظهر بوضوح أكثر عندما لا يدرك المخططون ما يدور في أذهان المدرسين والطلاب وأيضا عندما لا يدرك المخططون المشكلات الميدانية أو ما يدور داخل المدرسة أو ما يعسر تطبيقه في بيئة ما من أفكار وقرارات )حدثوا الناس بما يعرفون( إن التدرج والتبصر والتأني في مثل هذه الأمور لهو من الأهمية بمكان كما أن أخذ آراء التربويين في الميدان والعمل بها أمر في غاية الأهمية كما انه يعطيهم ثقة ودفعة كبيرة نحو الأمام على قاعدة )وشاورهم في الأمر( )وأمرهم شورى بينهم( )أشيروا عليّ( إننا في تربيتنا عندما نتجاهل آراء من هم في الميدان نعرّض هذه الممارسات للخطأ لأننا بشر يخطئ ويصيب ولأنهم أقدر من غيرهم على ذلك وهذا مشاهد ولا يحتاج الى كثير بيان وإذا كنا نعلم علم اليقين ان التخطيط لا يمكن بحال من الأحوال أن يقوم بذاته ولا يؤدي غرضا بغير فرسانه وهم القائمون على المدارس والمعاهد والجامعات، وهم الذين نعدهم ونطلب منهم دوما التطبيق العملي الواقعي لجميع مناشطنا وتوجهاتنا التربوية، إذاً واجبنا كبير نحو التقريب بين المخططين والمنفذين، إن أخذ رأي جميع العاملين في المؤسسات التربوية ومعرفة توجهاتهم بين الحين والآخر، وخاصة في القرارات ذات الصلة الوثيقة بالعملية التعليمية يجنبنا بحول الله الكثير من الخطأ ويقربنا دوما نحو الصواب ويشدهم نحونا ويحفزهم ذلك الى كثير من التركيز والمتابعة والاهتمام بما يطرح أمامهم من آراء وأفكار تربوية كما أنه يحثهم كثيرا على القراءة الجيدة وعلى الاطلاع المفيد في التربية والتعليم وعلى الحضور والمشاركة في اللقاءات والندوات والدورات التربوية المختلفة. حيث انه يعلم والحالة هذه انه سيشارك وسيؤخذ رأيه ولابد ان يكون هذا الرأي بحول الله صائبا ومفيدا ومقعَّدا حسب الأصول التربوية، إذ كثيرا ما عانت التربية في بلاد عديدة من التسطيح وضعف التقعيد والممارسات الغثة والخاطئة والتجارب غير الحميدة ولا السديدة والسبب والله تعالى أعلم كما هو واضح ان من يعنيهم الأمر أكثر ليس لهم رأي في صياغة البرامج والمناهج والمناشط التربوية وعلى القادة التربويين أن يوجدوا الثقة في نفوس العاملين في الميدان وبطرق مختلفة وأهم ذلك اشراكهم في الكثير من القرارات التربوية وخاصة المجيد منهم ومن لديه التخصص الدقيق والممارسة الطويلة وحب المهنة والولاء لها فهو بحول الله أقدر من غيره بكثير: خذ مثلا أولا المناهج الدراسية والتي هي دوما محل بحث وأخذ وعطاء من قبل العديد من أولياء الأمور والمدرسين والطلاب والمهتمين بالتربية والتعليم من غيرهم فلو اشترك النابهون من المدرسين في الاختيار، اختيار المادة والزمن المقرر لها أليس ذلك أدعى الى ان تساير المناهج والبرامج في المراحل التعليمية المختلفة حاجات ومطالب النمو العلمي والفكري والنفسي للناشئين في كل مرحلة كما انه أدعى إلى ان تختار المنهج الدراسي على أساس احتياجات الطلاب واحتياجات الأمة والوفاء بمتطلبات الدين والدنيا وبطرق تربوية مجربة ميدانيا لكل أمة. ثانياً: ونحن نبحث عن الموهوبين ونهتم بهم ونهيئ لهم كل الأسباب الممكنة، أليس المعلم الكفء أدرى بهم من غيره ويستطيع الكشف عنهم في الوقت المناسب ورعايتهم الرعاية المناسبة والمعقدة تربويا وإتاحة كل الأسباب الممكنة لهم لنمو مواهبهم والأخذ بأيديهم الى ما تريده التربية الصحيحة ويريده المسؤولون في هذا الميدان. إننا بحول الله سنربح كثيرا ولن نخسر شيئا لو أشركنا بعض النابهين من المدرسين في قراراتنا التربوية وخاصة الهام منها وسنتلافى العديد من السلبيات والأخطاء لا سمح الله وسنقرب كثيرا من الميدان وسنعزز الثقة بأنفسنا ومدرسينا ومدارسنا وسنؤصل ترتيبنا كثيرا وسيكون هناك تلاحم متين بين المخططين والمنفذين كما أننا سنكون سبّاقين في تلافي أخطاء كثيرة وقع بها الآخرون من جراء هذا الانفصام بين المخطط والمنفذ وسنعالج قضية كبيرة وهامة طالما شغلت بال المدرسين والطلاب وأولياء الأمور كما شغلت بال وفكر الناضجين والنابهين من التربويين في كل وقت وحين. هذا ما رغبت المشاركة فيه والله الهادي والمعين.