عرّف بعضهم القيادة التربوية بأنها السلوك الذي يقوم به الفرد حين يوجد نشاط جماعة معينة نحو هدف مشترك،ويقولون هناك مقومات رئيسة لهذا السلوك تتمثل في المبادأة،واختلاطه جيّدًا بأفراد مجموعته،وتمثيله لجماعته،والتخفيف من حدة الصراع بين الموظفين، وما أكثره حين يكون القائد ضعيفا أو غير مهيب أو مترددا أو ضعيف الخبرة قليل التجربة قليل التأهيل أو بعيد التأهيل عن مجال عمله، وما أكثره وأخطره ايضا مهما برر ذلك الخطأ واستدل عليه بنماذج قد لا تكون الأصلح ولا القدوة، ومن المقومات الصحيحة ايضا في نظر التربويين، القدرة على التنظيم وجودة ومهارة الإتصال بينه وبين فريق عمله، وحسن التقدير، هل يصادق ويوافق بدون رأي ولا روية و يتبع رأي غيره خطأ كان أم صوابا وما أكثر هذا في دنيا الناس التي تعج بالضعف الإداري وكثرة المخالفات , ويختم بعض التربويون تلك المكونات الهامة والرئيسة (بالإنتاج) وهو لب اللباب وبيت القصيد ومطلب كل العاملين في كل وقت وحين خاصة التربويين الذين يرون جودة العطاء هو حصد المحصول لكل جهد تربوي مراد، والقائد التربوي المدرك يحدد وبدقة مستويات الجهد والإنجاز ومستويات العطاء والأرباح , والقائد التربوي متميز وهو الذي يجب ان يكون متميزا بشخصه متميزا بعلمه بنباهته ولباقته ومنطقه وحسن تقديره للأمور يقدم دوما العناصر المبدعة والتخصصات الدقيقة والخبرات الكافية , كما يقدم الأفكار الجادة والجديدة والمفيدة، والأساليب والطرق النافعة والناجعة، وهو في سلوكه هذا ملتزم بأدب الإسلام في الشورى وعدم التسلط، ويكون في توجيهه ونقده وإدارته لعمله موضوعيا يهدف دوما الى مضاعفة الجهد وبذل الوسع والتنشيط لزملائه ما أمكن، محاولا دوما تجديد عمل إدارته وبعث الحماس والنشاط في جميع العاملين معه ويستخدم في ذلك كل أسلوب جيد ممكن حيث ان محاولة بعث الروح المعنوية لدى الزملاء واستشارتهم لبذل جهد أكبر وعطاء أوفر لهو من أهم ما تتميز به الإدارة الناجحة, وبعض الباحثين في مجال الإدارة التربوية يؤكد كثيرا على الحوافز المادية وهذا أمر طيب ومطلوب لدى البشر ولا يشك عاقل في أهميته ومكانته، والسفينة في كل وقت وحين لا تجري على اليبس، وقد أطال البعض في هذا وتغنى بأمثلة جوفاء أصبحت فيما بعد لا بقاء لها ولا قرار ، ولكنني أقول وبحكم التجربة: الوسطية مقبولة في كل مجال،فالحوافز المادية طيبة لكنها ليست كل شيء وفي كل مجال، وقد توجد وقد لا توجد، فتبقى ضمن الحوافز ولا يعتمد عليها ويعد لها دوما كما يردده البعض عكس أولئك أعني المثاليين والمنظرين البعيدين أحيانا عن الواقع وعن الخبرة والتجربة المفيدة. ان من يقوم بمهمة ومهنة القائد التربوي لا بد ان تتوفر فيه سمات وصفات أكثر من غيره من حيث الذكاء والفطنة والقدرة العلمية والعملية والحيوية والنشاط والمهارات المختلفة حسب طبيعة عمله، وهذه الصفات والمهارات تتوقف الى حد كبير على الموقف الذي يمر به وعلى المهمة التي تحتاج اليه وعلى الأمر الطارئة وما أكثرها التي تحتاج الى معرفة ومهارة حسن إدراك وجودة تصور وحسن معالجة, والقائد الناجح تربويا يوفر لمرؤوسيه مناخا عمليا مميزا وهو الذي يعرف قدرة ومهارة كل عامل معه، ومايصلح ان يناط به من أعمال فالإنسان وبحكم ماطبعه الله عليه يختلف عن غيره في أشياء كثيرة وما يحسنه هذا قد لا يحسنه ذاك وهنا تأتي مهمة القائد وقوة معرفته للأشخاص وكيف يوجههم ويستفيد منهم كل في مجال اختصاصه وقدراته وما يلائمه، ويكاد يجمع الباحثون في علم الإدارة التربوية بالذات ان القائد ينبغي له ان يفهم ويدرك تماما بأن العاملين معه بصفة عامة يودون في قيادته لهم ان تتوفر فيه صفات ثلاث هي: 1 توجيه الطاقات ورعاية الكفاءات ومعرفة القدرات والإمكانيات وتوجيه كل انسان الى ما يلائمه وينتج فيه ويرتاح اليه من أعمال. 2 ويحقق لهم المناخ العملي المناسب وبالطرق المتاحة والمقدور عليها وبالتالي يحقق رضاهم عنهم ورضاهم عن أنفسهم ورضاهم عن عملهم . ويتبع ذلك رضاء المتعاملين معهم والمستفيدين من أعمالهم تلك . 3 - يوفر لهم مجالات تقدمهم وترقيتهم في أعمالهم ويبذل المستطاع في ذلك ويأخذ بآرائهم ومقترحاتهم فتوفير المجالات المختلفة والمناخات الملائمة من أهم واجبات القائد التربوي اذا اراد لمؤسسته التربوية ان تنهض وتقوم بواجبها خير قيام, وقد ادرك العاملون في الميدان أهمية ذلك كله ورأوا أنه من أهم لوازم القيادة الناجحة،والقائد التربوي مهما أوتي من قوة وقدرة وتفوق شأنه شأن غيره من البشر يمرض ويكسل ويصيبه ما يصيب البشر من ملل وسأم وكلل وله مشكلاته العديدة في الحياة مع نفسه ومع بيته وأولاده ومع مراجعيه وفي أمور حياته كلها، فهل يا ترى ينعكس أثر ذلك كله على مراجعيه ومرؤوسيه , إذا نظرنا اليه كبشر قلنا نعم ف(ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه) والإنسان بحكم محدوديته هكذا خلقه اللّه لا يملك ان يتجه الى أكثر من أفق واحد ولا يتبع أكثر من منهج واحد في أموره كلها وإلا ضاع وأضاع واضطربت أفكاره ومالت خطاه ولا بد له من ميزان واحد يزن به الأشياء وإلا تمزق وتفرق وبهذا القلب الواحد يعيش مع من حوله فلا تتبدل موازينه ونظراته واحكامه والقلب الواحد لا ينهج نهجين ولا يعمل عملين مختلفين وهذا وان كان أصلا في مقام التوحيد والتجريد، إلا انه يعطي عطاء متجددا ومتفردا في جميع مناحي الحياة والكتاب العزيز كله تربية وتعليم وإرشاد واسناد في الطريق الصحيح , والقائد التربوي اذا كان غير مؤهل لعمله ولا مدركا لمسئوليته ولا جادا في تطويره وتعميره ومشغولا أحيانا بمتعه واهتماماته الخاصة سواء كانت كبيرة او حقيرة او كان سلبيا غير مهتم جبلةً وخلقة كما نشاهد أحيانا مع الأسف الشديد أقول مثل هذا الصنف اذا بقي في مكانه ضر نفسه وضر غيره ولو توجه الى مكان آخر أليق به وبقدراته واهتماماته لكان أفضل له ولغيره، وكل من زاول هذه المهنة أعني مهنة القيادة التربوية وغيرها ايضا يعلم تمام العلم ان مما يعوق عن اتخاذ مثل هذه القرارات النافعة أعني قرارات النقل والتغيير المفيد بعض الضغوط الاجتماعية والأعراف المرعية أحيانا والرأفة والرحمة والعاطفة أحيانا والنظر الى هذا الشخص بمنظار غير منظار العمل والإنتاج بل الى حاله وسابقته وما الى ذلك من الحاح وتشبث بالمكان منه ومن غيره ولكن عندما يدرك هذا وغيره ممن يشفع له أهمية التغيير وجدواه وانه لا ضير عليه في ذلك بل العكس فقد يكون النقل نافعا له ولغيره والأمثلة على ذلك كثيرة ووفيره أقول عندما يفهم معنى النقل والتغيير على حقيقته تزول هذه العقبة الكؤود التي طالما أعيت النابهين والمصلحين في المجال التربوي والذي لا يستطيع التغيير والتطوير والتعمير في مجال عمله التربوي عليه ان يبحث أو يبحث له عن عمل ويناسبه ،يناسب قدراته واهتماماته. اذا لم تستطع شيئا فدعه وجاوزه الى ما تستطيع ان بقاء الإنسان في مكان ما مدة طويلة تجعله أحيانا يمل ويكل منه وطول مقام المرء في الحي مخلق لديباجتيه فاغترب تتجدد هذا ولقد شاهدنا وعايشنا وغيرنا من التربويين أهمية هذا التغيير وفائدته في السابق واللاحق وللدارسين والطلاب، وهذا الاجراء يستلزم من القائد التربوي مهارة وحكمة وقدرة على تحقيق الهدف المراد وتلافي كل ما يحدث عن ذلك لا سمح اللّه. واللّه الموفق.