* عندما وُلد، جوزيف ستالين، لم تصرخ، أمه، في وجه المحيطين بسريرها قائلةً: إنني أُهدى إلى العالم، طاغيةً، وجباراً، ووحشاً كاسراً, ولم يسرع أبوه إلى اصدقائه، وأقاربه، في القرية، الجورجية، ليبشرهم، بميلاد، جزار تاريخي. * والذين يدرسون حياة جوزيف ستالين، لن يستطيعوا أن يكتشفوا، عند كل منعطف، من مُنعطفات طفولته، وشبابه بأنه سيكون (ستالين) الرهيب. * وحتى، بعد نجاح الثورة، البولشفية، وتربُّع، لينين سُدُّة الحكم، في الدولة والحزب، لم تكن خلافة ستالين أمراً مؤكداً في وجود عمالقة بولشفيين آخرين، مثل، تروتسكي وغيره, وحتى لو تنبأ أحد باستلام ستالين لمقاليد الأمور، فلم يكن أحد ليتنبأ، أو يتعرف، على ما يدور في رأسِه المخيف، أويخطر بقلبه الحجري، أو بما سيطرأ من ظروف محلية، ودولية، أو تغيرات اجتماعية، وسياسية. * إن لُعبة التنبؤ بظهور الطغاة والجلادين، لُعبة مُسليّة، وتسمح باستعراض، القُدرات الفكرية، والمعرفة التاريخية، ولكنها، لا تُعطينا، نتائج عمليَّة مفيدة، تمكننا، من تحسين، الحالة الإنسانية، وتجنيب المجتمعات الآلام، والكوارث. * ومع ذلك، فقد دفع العالم، مئات الملايين من القتلى والجرحى، والمعذبين، والمنفيين في الأصقاع الباردة، والمودعين في معسكرات الاعتقال، وفي السجون، والمستشفيات النفسية، والمقذوفين في أفران الغاز، والنافقين، جُوعاً ومرضاً وهلعاً، وحزناً, وقد تم ذلك على يد أنظمة شمولية، وقمعية، متقنة الصُّنع، بارعة التنفيذ، فائقة التضليل والخداع والتمويه والتبرير، يقودُها طغاةٌ تاريخيون مثل ستالين، وهِتلَر، وصدام حسين. * أليسَ، أمراً بالغ الاهمية، إذن، أن تكون هناك مُحاولات جادّةً، اوحتى تساؤلات ذاتية، بريئة، لفهم أخطر النواحي، وأشدِّها إيلاماً، في القرن العشرين؟ أو ليس من الأولويات الإنسانية، أن ندرس الظاهرة الطغيانية المنظمة، التي كتبت، بالدماء، والدموع، والآلام، تاريخ القرن الذي انقضى، ومضى؟ * الطغيان، ليس حادثة شخصية، والاستبداد ليس ترجمة فردية، لستالين، أو هتلر، أو صدام حسين. * الطغيان، جغرافية، وتاريخ، وظروف اجتماعية، واقتصادية وسياسية, إنه استعداد جَمعي نفسي، وقابلية مجتمعية وتسوية تاريخية، لانحراف موازين العدل والانصاف، والرحمة، والأخلاق. * ومشروع دراسة الظاهرة الاستبدادية، مشروع جاد، لا يليق أن نحصُره، في حواديت فولوكلورية عن العم جوزيف، أو الفُتُوّة، أدولف هِتلَر. * اعتبروا هذا دفاعاً عن أمِّ، ستالين، وتبرئة لها، وكذلك عن أم صدام حسين.