وحتى بعد نجاح الثورة البولشفية، وتربُع، لينين، على سُدّة الحكم، في الدولة والحزب، لم تكن خلافة ستالين أمراً مؤكداً، مع وجود عمالقة بولشفيين آخرين، مثل، تروتسكي وغيره. وحتى لو تنبأ أحد باستلام، ستالين، لمقاليد الأمور، فلم يكن أحد ليتنبأ، أو ليتعرف، على ما يدور في رأسه المخيف، أو يخطر بقلبه الحجري، أو بما سيطرأ من ظروف محلية ودولية. إن لُعبة التنبؤ، بظهور الطغاة والجلادين، أفراداً، لعبة مسلِّية، وتسمح باستعراض القُدرات الفكرية، والمعرفة التاريخية، ولكنها، لا تعطينا نتائج عمليَّة مفيدة، تمكننا من تحسين الحال الإنسانية، وتجنيب المجتمعات الآلام، والكوارث. ومع ذلك، دفع العالم، مئات الملايين، من القتلى والجرحى، والمعذبين، والمنفيين في الأصقاع الباردة، والمودعين في معسكرات الاعتقال، وفي السجون، والمستشفيات النفسية، والمقذوفين في أفران الغاز، والنافقين جوعاً ومرضاً، وهلعاً، وحزنا. وتم ذلك، على يد أنظمة شمولية، وقمعية، متقنة الصُّنع، بارعة التنفيذ، فائقة التضليل والخداع والتمويه والتبرير، يقودُها طغاة تاريخيون مثل، ستالين، وهِتْلَر. أليس أمراً بالغ الأهمية إذن، أن تكون هناك محاولات جادة، أو حتى تساؤلات ذاتية، بريئة، لفهم أخطر الظواهر، وأشدها إيلاماً، في القرن العشرين؟ أو ليس من الأولويات الإنسانية، أن ندرس الظاهرة الطغيانية المنظمة، التي كتبت، بالدماء، والدموع، والآلام، تاريخ القرن، مثل الحركات النسائية، ومنظمات الشذوذ. الطغيان، ليس حادثة شخصية، والاستبداد ليس ترجمة فردية، لستالين، أو هتلر، أو صدَّام حسين. الطغيان، جغرافيا، وتاريخ، وظروف اجتماعية، واقتصاد وسياسة. إنه استعداد جَمْعِي نفسي، وقابلية مجتمعية، وتسوية تاريخية، لانحراف موازين العدل والإنصاف، والرحمة، والأخلاق. و"مشروع" دراسة الظاهرة، الاستبدادية، مشروع جاد، لا يليق أن نحصره في "حواديت" فولكلورية عن العم، جوزيف، أو الفُتُوّة، أدولف هِتْلَر. اعتبروا هذا دفاعاً، عن أمًّ، ستالين، وتبرئة لها.