لا تقتصر السياسات الإلغائية للأنظمة الاستبدادية في العالم على الإبعاد أو السجن أو الإعدام، بل تتعداها إلى حذف الشخص من السجلات كما لو أنه لم يولد من الأساس. وفي التاريخ أمثلة صارخة على هذه السياسة وجميعها مرتبط بأنظمة استبدادية معظمها شيوعية وفي فترات مختلفة من التاريخ حيث تمت إزالة كل أثر لشخصيات سبق أن لعبت دوراً قيادياً ولكن اتهمت بالخيانة أو التقصير أو ببساطة اعتبرت معارضة للنظام الحاكم. وأشار موقع "بيزنيس إنسايدر" الأميركي إلى ست شخصيات شهيرة تمت إزالتها من السجلات والصور والمراجع التاريخية، ونشر صوراً ظهرت فيها هذه الشخصيات وأخرى تم حذفها منها بعد إعدامها أو نفيها أو سجنها. زوج عمّة الزعيم الكوري الشمالي لم تمر أيام على خبر إعدام زوجة عمة الزعيم الكوري الشمالي كيم جون أونغ وأقرب مستشاريه جانغ سونغ ثاك في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، حتى شطب الإعلام الكوري الشمالي تاريخ الرجل نهائياً حيث أزيل اسمه وصوره من الأرشيف. وتقول الغارديان البريطانية إن هذا الإجراء المتشدد جعله "أكبر عملية شطب تجريها وكالة الأنباء المركزية الرسمية وصحيفة رودونغ سينمون" التابعة للحزب الحاكم. قائد جهاز الشرطة السرية في عهد ستالين نيكولاي يزوف الذي لقّب ب"القزم الروسي"، اكتسب لاحقاً لقباً آخر بين المؤرخين وهو "المفوّض المتلاشي" لاختفائه من الصور بعد إعدامه عام 1940. وكان يزوف قائد جهاز الشرطة السرية في فترة ما يعرف ب"التطهير الأعظم" في ظل حكم ستالين، حيث أشرف على عمليات الاعتقال الجماعية والإعدامات لمعارضي النظام السوفييتي. ولكن المفارقة أنه اعتقل لاحقاً وعُذِّب وتمت محاكمته وإعدامه بتهمة الخيانة. وعرف عن ستالين أنه كان يلغي كل أثر لمن يتهمهم بخيانته أو من لم يعد بحاجة إليهم ومن بينهم يزوف. وزير الدعاية السياسية لأدولف هتلر كان جوزيف غوبلز شخصاً يقدّره هتلر كثيراً لحماسته وأفكاره اللامعة ومعاداته الشديدة للسامية، ما جعل الزعيم النازي يعيّنه وزيراً للداعية السياسية ويرسله إلى أنحاء ألمانيا لنشر الفكر النازي ورفع معنويات السكان خلال الحرب. وكان غوبلز أحد الأشخاص القلائل في الدائرة الضيقة لهتلر الذين وثق بهم للمساعدة في حرق جثته بعد انتحاره. لكن يبقى حتى الآن من غير المفهوم ما الذي فعله غوبلز حتى تتم إزالته من الصورة الشهيرة التي التقطت له مع هتلر في منزل المخرج الألماني ليني ريفنستاهل. ومعروف عن هتلر أيضاً كما ستالين أنه يشطب الناس الذين يتخلون عنه. ليون تروتسكي يعتبر ليون تروتسكي من أكثر الأصوات المؤثرة في الأيام الأولى للاتحاد السوفييتي، وكان قائداً في الثورة البولشفية في الأساس، غير أن الإشارات إليه أزيلت بعد انضمامه إلى المنشفيك وخلافاته اللاحقة مع فلاديمير لينين الذي وصفه بأنه "وغد" عام 1917. وبعد وفاة الأخير قام ستالين أيضاً بإزالة تروتسكي من كل الصور بعد قيادته معارضة لحكمه انتهت بنفيه من الاتحاد السوفيتي بعد طرده من الحزب. القيادي الصيني بو غو كين بانغكسيان، المشهور ب"بو غو" كان يعتبر "صاحب الصلاحيات الكاملة في الحزب الشيوعي الصيني" في ظل ماو تسي تونغ. غير أنه تعرض لانتقادات بسبب "أخطاء سياسية متحيّزة خطيرة" نتيجة سوء فهم حول الدفاع العسكري التكتيكي في مؤتمر زوني خلال ما يعرف ب"المسيرة الطويلة" (التي كانت انسحاباً عسكرياً ضخماً نفذه الجيش الأحمر التابع للحزب الشيوعي الصيني، والذي سيصبح لاحقاً جيش تحرير الشعب الصيني، لتضليل مطاردة جيش حزب الصين الوطني). وتم استبادله في القيادة بزانغ وينتيان عام 1935. وعلى رغم أن سوء الفهم يختلف تفسيره بين مراجع تاريخية، إلاّ أنه قاد بالتأكيد إلى إزالة بو من صور له مع ماو تسي تونغ. رائد الفضاء السوفييتي غريغوري نيليوبوف على رغم كونه عضواً مؤسساً للبرنامج الفضائي الروسي والروسي الثالث أو الرابع في الفضاء، إلاّ أنه طرد من البرنامج لسوء سلوك مرتبط بالكحول، وتم لاحقاً حذفه من سجلات البرنامج. وقتل نيليوبوف دهساً تحت عجلات قطار واعتبرت وفاته انتحاراً.