مسجد جامع الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ في حي دخنة بالرياض من أقدم وأكبر جوامع مدينة الرياض ولا يحضرني حال كتابتي هذا المقال تاريخ بنائه الأول, إلا أنه على كل حال هو ثاني الجوامع الكبيرة في الرياض أي هو حسّاً ومعنى يأتي بعد جمع الإمام تركي بن عبدالله. هذا الجامع الذي كان بمثابة جامعة لتخريج القضاة، والمعلمين، والخطباء، وأئمة المساجد، والدعاة، هذا الجامع الذي تخرج فيه مئات العلماء وطلبة العلم بعد سنين عديدة من الجثيّ على الركب أمام الأئمة الأعلام الذين نذروا حياتهم لتعليم أصول العقيدة الإسلامية السلفية الصافية والخالية مما يشوب بعض المعتقدات من بدع وخرافات وضلالات. كما هم يعلمون علوم الشريعة الإسلامية كالسنة النبوية، من حديث ورواية، وفقه، ودراية, وتفسير للقرآن الكريم، والسيرة النبوية، على صاحبها الصلاة والسلام ومثل ذلك تدريس اللغة العربية بنحوها وصرفها واشتقاقاتها، واستعراض التاريخ الإسلامي في موسوعاته ككتاب البداية والنهاية لابن كثير,,, وغير ذلك من العلوم والمعارف التي كان يتلقاها طلبة العلم في حلق كبرى تحيط بكبار الأعلام كالعلامة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي الديار السعودية وكبير علمائها ورئيس قضاتها رحمه الله وكشقيقه العلامة الفرائضي الذائع الصيت الشيخ عبداللطيف بن إبراهيم رحمه الله وغيرهما من العلماء الذين سبقوهما أو لحقوا بهما في الزمان والمكان. هذا الجامع الجامعة المبارك سوف يعاد بناؤه قريبا إن شاء الله . * لقد أعلن وزير العدل الدكتور الشيخ عبدالله بن محمد بن إبراهيم يوم افتتاح المحكمة الكبرى بالرياض منذ أيام بأن سمو الأمير عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله قد أمر باعادة بنائه من جديد بصورة أجمل وأكمل. فكان وقع هذا الخبر على الحاضرين وخاصة منهم الذين أخذوا ثقافتهم الأولى في حلقاته، وأنا منهم وقع المطر على الأرض الجرز أَوَلَم يَرَوا أنَّا نَسُوق الماء إلى الأرض الجرز فنخرج به زرعاً تأكل منه أنعامهم وأنفسهم افلا يبصرون . وتأتي إعادة بناء هذا الجامع الجامعة تمشيا مع تكامل تطوير منطقة قصر الحكم وجعل الحي متناسقا في إبداعاته العمرانية إلى جانب احتوائه على تناسق وتقارب السلطات التنفيذية مع السلطات القضائية والعلمية في منظومة واحدة تجعل من وسط عاصمة المملكة العربية السعودية حبة العقد النفيسة التي لا يخبو لألاؤها على صدر المدينة التاريخية القديمة حجر اليمامة ومن ثم الى المدينة الحديثة جداً الرياض . هذا الجامع الجامعة إنه يشبه في أدواره وتأثيراته العلمية والعملية (الجامع الأزهر),, ولكن على نطاق اقل حجماً من النطاق الذي كان عليه الجامع الأزهر من حيث عدد العلماء، وحلقات التدريس الكثيرة في الأزهر,, وقلتها في جامع الشيخ محمد بن إبراهيم، لضعف إمكانات المملكة في الزمن الماضي علمياً ومادياً. تخرج على يدي الشيخ محمد بن إبراهيم عشرات العلماء الأفذاذ,, أمثال العلامة الشيخ عبد الله بن حميد، والامام الشيخ عبدالعزيز بن باز، والشيخ صالح بن غصون، والشيخ محمد البواردي، والشيخ عبد الله بن عقيل، والشيخ إبراهيم بن سليمان، والشيخ محمد بن هليل، والشيخ عبد الرحمن بن قاسم وابنه الشيخ محمد والد الشيخ عبدالمحسن امام المسجد النبوي، والشيخ محمد عبدالرحيم صديق، والشيخ حمد الجاسر، والشيخين محمد وعلي السحيباني والشيخ حمود بن سبيل، والشيخ علي الفائز، والشيخ عبد الرحمن بن فارس رئيس محكمة الرياض سابقاً والشيخ عبدالرحمن بن عبداللطيف آل الشيخ، والشيخ عبدالله بن جبرين والشيخ مقبل العصيمي، والشيخ علي الرومي، والشيخ عبدالله اليابس الذي هاجر الى مصر، وعبد الله علي القصيمي، الذي هاجر وعاش في مصر حتى وفاته, والشيخ عبدالله بن زاحم الاول، والشيخ زيد بن فياض والشيخ حمود العقلا، والشيخ عبدالملك بن عمر آل الشيخ والشيخ ابراهيم بن عثمان، والشيخ عبدالعزيز بن شلهوب، والشيخ عبداللطيف بن مانع والشيخ سعد بن رويشد والاستاذ عبدالرحمن بن رويشد، وغيرهم,, وغيرهم,, فقد سردت هذه الاسماء بدون ترتيب في الاعمار او المكانة وانما حسب إدرار الذاكرة. * * * هؤلاء الذين خطرت أسماؤهم على ذاكرتي وانا أكتب هذا المقال هم قليل من كثير، جثوا على ركبهم عدد سنين في حلقتي الشيخين محمد بن إبراهيم وعبداللطيف بن إبراهيم ولاشك ان عشرات غير من ذكرت، ولعل بعضهم أعمق علما وأكثر شهرة من بعض هؤلاء الذين ذكرت، وكنت أود ذكرهم لولا ضعف الذاكرة,, ثم ان كثيراع منهم لم أدركهم أثناء دراستي على هؤلاء الشيخين الجليلين محمد وعبداللطيف رحم الله الجميع وأسكنهم فسيح جناته. * * * تُروا هل تعود لهذا الجامع بعد إعادة بنائه أمجاده السالفة في بث العلم ونشر العلماء في ربوع المملكة بجميع جهاتها,,؟ أم أن التطور الذي شهدته وسائل العلم والتعليم في العصر الحاضر قد طوت صفحة من أكرم الصفحات في نشر علوم الإسلام عن طريق حلق التدريس في المساجد,؟ * * * وبعد: فجزى الله سمو الأمير عبدالله بن عبدالعزيز خير ما يجازي به عبداً من عباده الصالحين الذين يتابعون التطوير والتحديث في كل مجال من مجالات خدمة العقيدة والشريعة الإسلامية، وخدمة حياة المجتمع والأمة، وجعل ذلك في ميزان حسناته وحسنات خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز حفظه الله والحمد لله رب العالمين.