اصدقاؤك,, زملاؤك,, اقرباؤك,, تربطك بهم حبال المودة,, وتوثق معهم صور المحبة وتشكل معهم حروف الميانة في احيان كثيرة,, تضحك معهم,, يضحكون معك,, وتخرج معهم للنزهة او للشاليه او للمقهى علشان مايزعلون اهل الرياض تشرب معهم المرطبات الباردة والساخنة والأرجيلة احدهم ينصحك بمضارها,, والآخر يدعوك لمتابعة مشهد ساخر لاسماعيل ياسين او عادل امام تتسامر معهم تحاورهم ويحاورونك تنسج معهم خيوط المغامرة ويتوق لك في مرات عديدة اعطاؤهم كورلافه وتصريفهم حتى اشعار آخر تجمعك بهم البراءة وبيوت الطين وحفى الاقدام والشقاوة وتفرقكم ذبذبات الاحداث والمواقف الطارئة وتعودون من جديد وكأنكم شركاء في العمر احدهم لو طلبت منه ان يهبك عينيه لوافق دون تردد,, صديق وفيّ على الدين !! يا الله كم هم ممتعون الاصدقاء لاسيما ان كان بعضهم شهدا على المر ودفئاً على البرد,, وبرداً على اللهيب الحارق!! اي بمعنى آخر ينحطون على اليمنى ولاخاب ظنك بالرفيق الموالي!! ولكن الا تعتقدون معي ان الاصدقاء في ازدياد مضطرب كذلك الزملاء,, هذا يحل محل هذا وذاك يحل محل ذاك والايام الشاهد الوحيد في هذه القضية فالإنسان من المستحيل ان يبقى بلا صديق ولكن من الصعب جداً ان تجد عوضاً لشقيقك ابن ابيك وامك رأس مالك وتاج رأسك ودمه دمك وعرقه عرقك وعرضه عرضك لن تجد العوض لشقيقك مهما حاصرك الاصدقاء بوفائهم وطيبتهم اعلم ان هناك من يقول بعض الاصدقاء عن عشرة اخوان واقول نعم فهذه هي الدنيا قد ترميك حاجتك على عتبة باب صديقك ولاتجدها لدى شقيقك وقد يقف الصديق معك ويخذلك شقيقك نعم لا اعتراض على هذا!! ولكن مربط الفرس يكمن في هذا السؤال واجيبوني بصراحة ايهما افضل وقفة الصديق ام وقفة الشقيق؟!! ايهما يتحرك له الوجدان وتتراقص له العواطف!! إن بار بك شقيقك وساعدك صديقك فسوف تذرف من عينيك دموع الندم حرقة والماً لعدم تحرك شقيقك معك!! ولكن إن خذلك الصديق وساعدك الشقيق فإنك لن تستطيع الا ان تنتشي سروراً وغبطة لهذه الوقفة الاخوية الصادقة. ان تاريخ الإنسان العربي مليء بالقصص والمواقف والحكايا التي تدلل على هذه النظرة ولنا العبره عندما نتعمق في موروثنا الشعبي ونتصفح اوراقه لتقع اعيننا على قصة الفارس شالح الذي رثا شقيقه الفديع في قصيدة يمكن تصنيفها ضمن الرثائيات الشعبية الحزينة يقول في ثنايا القصيدة: ياخوي يا اللي يوم الاخوان فلات من خلقته ماقال ذا لك وذا لي إلى ان قال: ليته كفاني سوّ بقعا ولامات وانا كفيته سوّ قبر هيالي وليته مع الحيين راعي الجملات وانا فدا له من غبون الليالي تبكيه هجن تالي الليل عجلات ترقب وعدها يوم غاب الهلالي وتبكي على شوفه بني عفيفات من عقب فقده حرمن الدلالي هكذا يتحرك السكون, ويتهيض البال,,بإمكانكم اخواني القراء تصور تلك الفجيعة العظيمة,, مع انه لايحس بالنار إلا من وطاها !! الا اننا نسلم مشاعرنا للاحداق,, لتتمكن هي الاخرى من اتخاذ الإجراء اللازم. نعم,, ياشالح بن حطاب بن هدلان فافعل ماشئت بعد ذلك واخبرنا كيف تجسد هذه المساحات الكبيرة من الاسى: امس الضحى عديت روس الطويلات وهيضت في راس الحجا ماطرا لي وتسابقن دموع عيني غزيرات وصفقت بالكف اليمين الشمالي وجريت من خافي المعاليق ونات والقلب من بين الصناديق جالي بالتأكيد,, ليس هذا كل مافعلته ياشالح بل اكثر واكثر!! فالرحيل بلا عودة الى الدنيا مصيبة عظيمة فما بالنا برحيل الشقيق والحبيب عموماً يحز في النفس رحيله ولكن رحيل الشقيق اقوى وقعاً في النفس,, فليس الشقيق كالصديق اطلاقاً,, وهذه النظرة مجردة من كل العواطف القلبية والمادية والحساسيات الاخرى!! ليبقى البياض شعار القصيدة الخفاق. ايضاً اتذكر قصيدة للشاعر الكويتي الكبير فهد بورسلي يقول في بعض ابياتها: يامال القل والماحي اش كثر ربعي وانا صاحي والى ماطحت بمراحي نسوني وصاروا,, أجناب!! الله لايشغلنا الا بطاعته ويكفينا شر هالدنيا!! ومصايبها فالشقيق بإمكانه ان يصبح صديقاً موالياً,,!! ولكن الصديق لايمكن ان يصبح شقيقاً لاموالياً ولا معادياً! بإمكاننا احتواء قطرات دمائنا,, اليس كذلك؟! سعود البديري