من أكثر الأشياء التي تبدد الوقت وتستنفذ الجهد وتهز بأصول الكبار ويمقت فيها أحد الأطراف وغالبا كلاهما هو الاستمرار في الجدال بصوت عال, تعرض الأفكار على الملأ أو تدون فيه الردود وضجيجها على الورق, يشارك فيها آخرون ويتقاذفون الأحاديث وقد لا يعلمون عنها شيئا و كأن ما ينقص أمتنا مزيدا من أدعياء العلم بكل الأمور!. وعفوكم يا من قد يرى جدوى في هذا الأمر لكن هذا ما لدي يدعى مستنقع الكبار وأعني به حينما يقضون وقتهم في تفنيد الآخر في الأمور التي تحتمل الصواب في كلا الحالتين أو في المواضيع التي تتحدث عن ماض تليد أو موقف عابر متناهي الصغر أو تطلعات لمستقبل قادم. مؤسف جدا حينما تتحول الأدوار ويظهر تناقضها جليا للصغار فيرفع القلم ليكتب المفكر الباحث والعالم العارف والأديب الأريب والعاقل المتأني فقط من أجل أمر يحتمل الصواب والخطأ حيث يبدأ بانتقاص الفكرة ثم شيئا فشيئا تتعمق السطور تجريحا ثم تتابعا يوما بعد آخر تغدوا حفرا على الجراح لانتقاص ذات الآخر والتنفيس بتشويهه. نعم للناس قضايا يفكرون بها يطرحونها ,قد تستوجب بعض الرؤى ردودا تبين صحيح موضوعها وكم تمنى البعض أن يجد من يوضحها له ولكن أنى يكون لها جدوى حينما تكون «فزعة» تذهب بالعقل والخلق وتميع كل الصور للمعاني الجميلة, تظهر الأنا من أجل الآخرين واستحسانهم وينسى وينتسى المراد! لا أروع من قول الشافعي: تعمدني بنصحك في انفراد وجنبني النصيحة في الجماعة فإن النصح بين الناس نوع من التوبيخ لا أرضى استماعه وإن خالفتني وعصيت قولي فلا تجزع إذا لم تعط طاعة.