يبدو أن تزايد الاهتمام بمسألة التطوير العقاري قد عبَّر عن مدى الحاجة إلى إعادة هيكلة القطاع العقاري وتقديم حزمة إصلاحات تمكن قطاع المقاولات بشكل عام بما يمكن من تحقيق الاستثمار الأمثل للإنفاق التنموي الكبير الذي بشرت به خطة التنمية التاسعة وبما يصل إلى 1.4 تريليون ريال سعودي خلال سنوات الخطة الخمس. ويبقى قطاع التطوير العقاري، بما يشمله من تطوير لمشروعات عقارية وإنشائية كبرى، أو فيما يخص متطلبات قطاع الإسكان العام والخاص بشكل عام، يمثل حجر الزاوية لهذا الإنفاق بحكم الحاجة الماسة إلى تملك المساكن عطفاً على تدني نسبة تملك السعوديين للمسكن، وفق ما تشير إليه الإحصاءات، رغم تفاوتها وتباينها. ولا يمكن استكمال الحديث عن هذا الجانب من التطوير العقاري دون الإشارة إلى أهمية قنوات وأدوات التمويل العقاري المتاحة حالياً أمام المواطن السعودي، والتي ما زالت بحاجة إلى حزمة من الإصلاحات ينتظر أن يقودها إصدار نظام الرهن العقاري، الذي قد يشكل الإطار النظامي الأكبر لمنظومة التمويل العقاري الحالية. ومن المتوقع أن يسهم إصدار هذا النظام، والإعلان عن لوائحه، عن تطوير متسق في قنوات وأدوات التمويل العقاري، خاصة تلك التي يطرحها بعض الخبراء المتخصصين في آليات التمويل المتفق مع الشريعة الإسلامية، وهي آليات قد يختلف البعض حولها، وإن كانت في مجملها تقدم حلولاً لفئة من المجتمع ترى أن فيها مخرجاً شرعياً مقبولاً يغني عن التعامل مع القروض التقليدية التي تقدمها حالياً بعض البنوك التجارية. دور البنوك التجارية والواقع أن البنوك التجارية لم يغب عنها هذا الجانب، وهو جانب يراعي الجانب الاجتماعي دون إغفال الأسس الاقتصادية، ولهذا فقد شرعت البنوك التجارية في سد الفجوة القائمة في السوق، وقدمت منتجات تمويلية متعددة تلبي حاجات المجتمع وتراعي الاختلاف في تعامل الناس مع القروض البنكية. ولا شك أن قصور جانب التمويل في المنظومة العقارية في الاقتصاد السعودي وغياب الأطر التنظيمية التي تحكمه، قد أدى إلى صعوبة حصول المواطن البسيط على مسكن مناسب، ويبدو أن ذلك القصور قد ينتهي قريباً.