((من يتمتع بسلام النفس ليس مزعجا لا بالنسبة إلى نفسه ولا بالنسبة إلى الاخرين)) - حكمة يونانية - التغيير ومقاومة التغيير أو الانجذاب إليه في حياة المبتعث حالة خاصة وليست سهلة، حيث تتلبسه حالة من القلق تجاه ما يحدث في رؤيته للأشياء من حوله في بلده ولذلك عندما يعود في الإجازات إليها يشعر بأنه مرتبك. ربما لأن تفاصيل حياته اليومية اختلفت، تلك التفاصيل البسيطة في قضائه ليومه كالإفطار وذهابه إلى الجامعة أو العمل وتعامله مع الناس في الشارع والسوق، كل ذلك لا يشابه تفاصيل حياته اليومية في بلده!! كما يشعر بأن الناس من حوله يهتمون بأشياء كثيرة لم يعد هو يهتم فيها، ويكتشف أن الوقت ليس له قيمة في تفاصيل اهتمام الآخرين بكيفية إضاعة الوقت وليس استثماره كما أن الأحاديث من حوله تنصب في أمور بعيدة عن الجدّية وأقرب إلى الهزلية أو التذمر والشكوى من لا شيء!! أحيانا يشعر المغترب أنه شخص آخر فكل الذي اعتاد أن يفعله في بلده يراه الآن صعبا وربما مزعجا. ويتساءل بينه وبين نفسه هل انسلخ من جلده؟ هل الحياة في الغرب بسهولة استطاعت أن تجعله غير مرتاح لحياة طويلة عاشها باقتناع في بلده؟ ما الذي يحدث بينه وبين نفسه ولأننا من هواة جلد الذات فإننا نخشى حتى أمام أنفسنا أن نعترف بأننا تغيرنا وما عدنا نستسهل حياة الرفاهية. الحياة اليومية في الغرب منظمة والوقت محسوب تبعا لأن الدراسة تحتاج إلى تفرغ للتركيز وبذل الجهد. في الغرب هناك احترام للقانون وبالطبع يوجد من يخترقه ولكنه حتما يلقى عقابه ويكون التعامل مع الإنسان وفقا لشخصه وليس لاسم عائلته أو لماله. حتى الذين يتعاملون مع المسلمين بشيء من الفظاظة نتيجة لتصورهم الخاطئ عن الإسلام لا يستطيعون الإضرار بأي مسلم لأنهم يدركون أن القانون يحاسبهم. معايير المجتمعات الغربية منطقية في التعامل ولذلك تكون أكثر ارتياحا للفرد من المعايير الخاطئة المنتشرة في مجتمعاتنا العربية القبلية. لست مبهورة بالغرب ففيه الكثير من الأخطاء أو التي نعتبرها أخطاء تبعا لثقافتنا لكننا لا نركز على السيء حتى لا نتشربه بحكم المعيشة. في الغربة يتذمر البعض ويشعر بالتوتر والضغط النفسي بسبب اعتماده على نفسه كثيرا في تسيير أموره، لكن الحياة في الغرب رغم خشونتها أبسط من حياتنا رغم رفاهيتها. ليت أننا نستطيع أن نعيش حياتنا ببساطة دون تعقيد.