فاصلة: (فالعطر عطرك والمكان.. هو المكان لكن شيئا قد تكسر بيننا لا أنت أنت.. ولا الزمان هو الزمان) - فاروق جويدة - تذكرت بيت الشعر الذي كنت احفظه منذ زمن طويل للشاعر فاروق جويدة وانا احاول التأقلم في التعاطي مع الرياض التي كانت حبيبتي منذ ان ولدت فيها، احاول ان اجد الرياض بعد غياب سنوات طويلة كنت ازورها ولا استقر فيها طويلاً. يواجه المغترب عند عودته للوطن بعد غربته رحلة اخرى ليندمج مع حياة جديدة تركها لسنوات. طابع الحياة في كل مجتمع يختلف والغرب تحديدا مختلفون عنا في الثقافة التي هي رموز تعاطينا مع حياتنا. قد يبدو من الصعب أن تتأقلم مع نظام حياة مختلف تماما عن النظام الذي اعتدته لسنوات دورك كطالب يفرض عليك نمطاً معيناً من الحياة. وحينما تنتهي من الانشغال الكبير بالدراسة تشعر بمساحة فراغ وان كانت لديك مسؤوليات أخرى. وحين تحاول العودة إلى نمط حياتك الذي كنت عليه قبل سنوات الدراسة والغربة تكون قد أضعت معالمه والزمن الذي مر بك مر كذلك بكل الأشياء من حولك. السؤال كيف يمكن ان تضيف ما اعتدته دون ان تكون ملفتاً للنظر. هذا ما حدث معي وانا اتسوق حيث شكرت العامل وقمت بوضع ما اشتريته في الاكياس المخصصة ثم وضعتها في العربة الا ان مسؤول العلاقات العامة بادرني بالسؤال عن سبب انزعاجي واظنه يحسبني غاضبة من شيء ما في السوبر ماركت. إلا اني طمأنته باني لست غاضبة كل ما في الامر اني لست بحاجة الى شخص يساعدني. موقف بسيط مثل هذا تذكرته لما كنت في مانشستر في الايام الاولى حيث اني لما طلبت الوجبة لاطفالي من محال الوجبات السريعة كان علي ان اخذ الوجبة واقوم بتعبئة الشراب من الماكينة. العمالة التي توجد لدينا هنا في المطاعم توجد هناك ولكنها لاغراض النظافة فقط وليس لخدمة الزبائن، واذكر اني اردت ان اعطي بعض المال لعاملة تنظف احد محال الوجبات السريعة فرفضت وقالت: هو عملي. عدت إلى الرياض ولم استطع الا أن اقارن بين كل تفاصيل الحياة هنا وهناك، الجميل والمريح والمزعج. لكن الفخ الذي نقع فيه عند عودتنا الى بلداننا بعد طول غياب هو تذمرنا او محاولتنا للتغيير الشامل. برأيي انه من الحكمة ان تظل العادات الجيدة التي اكتسبناها ملازمة لنا في محيطنا نحن، اما المجتمع فلا يمكن تغيير ثقافته المستهلكة على يد افراد. ويظل هناك بدائل للاستهلاك في بعض اللقطات... في اماكن أزورها في الرياض.... ازورها كسائحة فتلتقط عيناي الجمال. ستظل الرياض حبيبتي وان تأوهت احيانا بآهة مكتومة... تظل هي الرياض.