فقدت المملكة العربية السعودية والأمة العربية والإسلامية فارساً من الرجال الذين نعتز بهم، فالفقد كبير، فمن نعزي؟ فالرجل مدرسة: الأديب الموسوعي، رجل الدولة والدبلوماسية، الكاتب والروائي، الإداري المقتدر والوزير الإنسان .. فقد اجتمعت كل هذه الصفات في الدكتور - غازي بن عبد الرحمن القصيبي. لقد أعرب مجلس الوزراء برئاسة خادم الحرمين الشريفين عن خالص تعازيه ومواساته في فقيد البلاد، كما بادرت الوزارات التي تقلّدها، والمواقع التي تولّى العمل فيها والمؤسسات والجمعيات التي ترأسها بالتعبير عن حزنها العميق لفقده. لقد قاد مسيرة البناء والتحديث في كل موقع تقلّده، وكان نموذجاً للرجال المخلصين الأوفياء الذين وهبوا حياتهم لخدمة الوطن في كافة المجالات والمحافل، فسجّل اسمه في سجل الخالدين، وكان قامة شامخة في كل مجال طرقه.. فقد تقلّد عدداً من المناصب الحكومية العالية ورأس الكثير من المؤسسات والجمعيات، وساسها وأدارها بحكمة ودراية وإخلاص ونشاط مستمر، ونال إعجاب الدولة فمنحته كامل الصلاحيات، وكان قوي الشخصية، فعندما أصبح وزيراً للصحة شنّ حرباً على البيروقراطية والفكر الروتيني، وكان مهموماً بكرامة المريض وأسلوب معاملته، وكان جرئياً في قراراته المبنية على أفضل البدائل والمتابعة واليقظة وضبط العمل، فهو الوزير الإنسان، وهو مؤسس جمعية الأطفال المعوقين وأول رئيس لمجلس إدارتها. إنّ ابداعاته الكتابية والروائية والشعرية، وفكره المستنير سيخلد ذكراه في قلوب محبيه بل وحتى معارضية فالرجل استثنائي في كل شيء، وسابق عصره، ومنجزاته يعجز القلم عن سردها .. تقرأ مؤلّفاته فتجد علماً وأدباً واقتصاداً وفلسفة وإدارة عامة وشعراً رصيناً عذباً .. فأحبه الجميع .. لقد رفع محبوه الدعاء وهم كثيرون سائلين الله له الرحمة. ولقد أحسن مجلس إدارة سابك، الشركة التي قام المرحوم بإنشائها وإظهارها إلى عالم الوجود كشركة عالمية عملاقة، بأن تقوم الشركة بتكريمه، وهذه بادرة كريمة من سمو رئيس المجلس وأعضائه، ولكني وأنا أعرف مكانة المرحوم وكثرة محبيه وأصدقائه والراغبين في تكريمه، أود أن أقترح أن يقوم المحبون ورجال الأعمال والغرف التجارية - وغيرهم بإنشاء مركز اجتماعي في أحد أحياء الرياض مشابه لمركز الأمير سلمان الاجتماعي، ويسمّى (مركز الدكتور غازي بن عبد الرحمن القصيبي الاجتماعي)، وذلك لتخليد ذكراه لدى هذا الجيل والأجيال القادمة، وأن يقوم عدد من محبيه بتشكيل مجلس تأسيسي لهذا الغرض، وأنا واثق أنهم سيجدون استجابة واسعة، وواثق أيضاً أنّ إخوتنا الأعزاء رؤساء تحرير الصحف اليومية سوف يدعمون ذلك، ويبشرون به ويرعونه إعلامياً. اللهم ارحم غازي القصيبي رحمة واسعة بقدر ما قدّم لمواطنيه ووطنه ومليكه وللأمة العربية والإسلامية. وعزاؤنا للجميع ولأسرته الكريمة ولأصدقائه وأحبائه.