أخبرني صديق: فتحت صندوق رسائل جوالي، وإذا برسالة عجالة واستغاثة من قريبي: (أرجوك اتصل بي حالاً).. فلقد توفي والده البارحة غفر الله له، وقريبي محتار في مراسيم ومصروفات تقاليد العزاء! إنه يبكي ويشتكي حال نفسه وجيبه وأنا أستمع بصمت! فقلت له: (ليس لك إلا بطاقة الفيزا!) فذهب إلي ماكينة الصرافة، فلم تعطه المبلغ الذي يريده، فلم يجد وسيلة إلا الذهاب إلى أحد معارض المفروشات الكبيرة، وشرح للمدير ظرفه الطارئ وأنه محتاج لبعض المال، فساعده بأن اقترح عليه أن يتصل بالبنك ويطلب برفع سقف الصرف النقدي، فتم ذلك وأعطاه بعض السيولة بعملية شراء وهمية! أسئلة طرحت نفسها: هل يعلم أصحاب العزاء بموعد موت قريبهم لوضع ميزانية عزائه؟ هل للعزاء مخطط وميزانية كالزواج؟ هل الإسلام أتى بعادات وتقاليد تكبل كاهل الإنسان؟ هل لمن يفقد عزيزاً عليه وخاصة في (عزاء الحوادث)، قدرة شراء الأغنام لشبع كروش الأزلام؟ هل لصاحب العزاء وأهل العزاء القدرة على النفخ والطبخ والجدال والنقاش مع المطابخ والمطاعم؟ هل الأصل في العزاء مواساة أهل الفقيد، أم مواساة البطون باللحوم والشحوم؟ لقد أحسن بعضهم صنعاً، بإلغاء عزاء قبل الظهيرة، لكي لاتكون حجة المعزين في انتظار أطباق الرز واللحم وعلب اللبن، ولكي نعطي فرصة أهل العزاء النوم جيداً بعد سهر فقد الأحباب والأعزاء... فلنتحد يا أبناء جيلي، ولنلغي بدعة الكروش ونفض القروش، وليصبح العزاء من العصر حتى العشاء، وأن يقتصر على المشروبات الباردة والساخنة.. فأتمنى أن ينقل قارئ المقال أمنيتي وينشر السامع رغبتي، والحاضر يعلن الغائب.. أني أوصي بأن لا توزع الأطباق الدسمة في عزائي رحمة ومساعدة لأهلي وأقربائي.