حضرت ذات مساء مناسبة عزاء لمواساة زميل مات له قريب وكان صاحب العزاء من خارج المنطقة الغربية فلما دلفت إلى داره لم أجد في باحتها كراسي «ولا مراسي»!، وإنما كان القوم في صالون واسع مليء بالجالسين ولم أكن أعرف من أهل المتوفى إلا ذلك الزميل فخمنت أن كل من في المجلس هم من أسرة الراحل فعزيتهم جميعاً على هذا الأساس، ثم جلست برهة فدخل معزون آخرون وأخذوا يعزون كل من في المجلس وأنا من ضمنهم ظناً منهم أنني قريب للراحل وهكذا كل ما دخل فوج وعزى وجلس جاء من بعده فوج واعتبروا من سبقهم من أسرة المتوفى لأن الحابل اختلط مع النابل، ولم يكتف المعزون بالمصافحة أو الربت على الكتف وقول: عظم الله أجركم أحسن الله عزاءكم، وإنما أتبع ذلك بالقبلات والعناق الحار الذي نالني عددٌ منه على أساس أنني من الأسرة المكلومة!، ثم انسحبت من المجلس وأنا أحوقل وأحسبل! وبعد العزاء بأيام قلت لزميلي: يا أخ.. لماذا لا تخصصون مكاناً أو غرفة لجلوس ذوي المتوفى أو كراسي جانبية كما يفعل أهل مكةالمكرمة والمدينة المنورةوجدة وغيرها، ليعلم المعزون على وجه التحديد لا الظن أو التوقع من هم أسرة الراحل التي تتلقى العزاء فيه ومن هم المعزون بدل اختلاط الحابل بالنابل أم أنكم ترون في مثل هذا الترتيب بدعة؟، فقال: هذا ما وجدنا عليه آباءنا من قبل، ثم أكد لي أنه معجب بنظام العزاء المطبق من مدن المنطقة الغربية، ويتمنى أن يطبق في حالة وجود عزاء في المناطق الأخرى ولكنه لا يستطيع تعليق الجرس شاكياً من أن وقت العزاء مفتوح لمدة ثلاثة أيام من الصباح حتى وقت متأخر من المساء والضيافة شغالة، أما في مدن الحجاز فإن وقت تقديم العزاء محدد بين المغرب والعشاء والأصدقاء هم الذين يصنعون طعام العشاء! وأنه علاوة على ما ذكر فإن التبادل المفتوح للقبلات ينتج عنها انتقال عدوى أمراض الجهاز التنفسي فيعقب كل مناسبة عزاء إصابة بعض أفراد أسرة الراحل «بلبطة!»؟، وسعال وزكام وعناء. لقد بت شخصياً أتحرج من حضور عزاء يختلط فيه أهل المتوفى مع المعزين خشية مما يحصل في العزاء من خلط وفأل غير حسن! وأكتفي برسالة نصية أو مكالمة هاتفية أو برقية أو فاكس. وكان الله في عون الجميع!