يتفق الجميع بمن فيهم - المتعصبون - على أن التعصب من أبرز المعضلات المصاحبة لأي تنافس رياضي؛ لما يسببه من شحن للنفوس، وتنافر بين أفراد المجتمع؛ ليُخرج هؤلاء المتعصبون التنافس عن إطاره، ويحرفوه عن مساره؛ إلا أننا نعاني قبل كل هذا في تحديد مفهوم التعصب الرياضي، لأنه كما يظهر أن علتنا ليست في المفهوم بقدر قراءة هذا المفهوم، فلا يمكن أن يُعدّ تشجيع فريق ما، وتتبع أخباره، ومؤازرته، والفرحة الغامرة التي تصاحب أنصاره عند انتصاره تعصبًا كما يحاول البعض ترسيخه، فالإنسان مفطور على الانتماء للجماعة، وهذه الأندية تمثل جماعات صغيرة يكون ناتجها الجماعة الكبرى أو الجماعة الأم (المنتخب)، فلا يستقيم برأيي الانتماء للمنتخب دون مرور بتلك الجماعات الصغيرة، لذلك يخطئ البعض من مسؤولين وصحفيين وكتّاب عند إخفاء ميولهم خشية رميهم بالتعصب ثم تأثير ذلك على أدائهم، فالأمانة قيمة أصيلة لا يمكن أن يكون للميول تأثير عليها لمن يدرك ذلك ويثق به. إذن فإخفاء الميول ترسيخ للمعنى الخاطئ للتعصب، ثم تعمية الوسط الرياضي عن قراءة مفهوم التعصب لأن من يقوده - أصلاً - لم يُحسن قراءته، فالتشجيع والحماسة مع الفريق ليس تعصبًا، وتفسير بعض السلوكيات الخاطئة من الجماهير، بأنه تعصب تفسير يجانبه الصواب، قد يفضي إلى التعصب كردة فعل على ذلك التفسير الخاطئ؛ لأن التعصب بمعناه الحقيقي نصرة من تميل إليه ظالمًا أو مظلومًا بمعناها الظاهر، والتعصب هو ما يعميك عن قول الحق، والأنفة من مدح المنافس، والتعصب إنكار ما يتحقق للمنافسين من بطولات، والتهرب من لغة الأرقام التي لا تتدخل فيها الذاتية مطلقًا، وتبقى هي المعيار الموضوعي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأما سفح هذا التعصب ورأسه هو تكوين العلاقات والحكم على الناس بناءً على الميول والانتماء لهذه الأندية؛ ليصبح خليلك وقرينك وقرة عينك من يتفق معك في الميل لفريقك، وخلافه من تُعادي، وبل وتستعدي عليه، وتستبيح عرضه لمجرد أن خالفك الميول. من هنا يجب فتح هذا الملف الذي لم يتجاوز بحثنا فيه سوى الغلاف وعنوانه؛ فانطلقنا على غير بينة أو هدى في علاجه، وكيف نعالج ما نجهل؟! فليتنا نعيد قراءته كاملًا لنحقق الخير لهذا الوطن الذي يستحق منا أن نقدم بعض التنازلات لئلا نشوه جماله، وجمال رياضته بداء التعصب. ممثلاً الوطن أجزم أن الاتحاد السعودي قد أدرك سوء حال رياضتنا في الآونة الأخيرة، مما حداه الى مؤازرة فريق الاتحاد العام الماضي ليحقق بطولة تحفظ ماء وجه الرياضة السعودية، فقدّم للاتحاد تسهيلات لم يحظ بها أحد قبله من دعم مادي ومعنوي الجميع يذكره، لذلك لا أرى مبررًا للمخاوف التي يبديها الهلاليون والشبابيون بأن الاتحاد السعودي لن يقف معهما. فهما كفريق الاتحاد، كلهم أندية وطن واحد؛ ولا أخال الاتحاد السعودي يحابي فريقًا دون آخر، ومن هنا أؤكد - ثقةً بنزاهة الاتحاد السعودي - أنه لن يكرر غلطته مع الهلال إبّان مشاركاته الآسيوية بحرمانه من لاعبيه وعدم تأجيل مبارياته ليعيش تحت ضغط رهيب لم يعانِه أحد قبل، وأنه - أي الاتحاد - سيسعى لأن يُهيئ كل سبل العدل والإنصاف للشباب والهلال في سبيل إعادة أمجاد الرياضة السعودية. بقايا حتى في موضوعي السابق عن الحظ الرديء للهلال كانت استشهاداتي أرضية، ولم تقنع البعض، فكان الرد بعدها سماويًّا بسقوط الطائرة التي أقلّت أمتعة الفريق، وهو أبلغ رد على من يحاول التستر على (خيبة) فريقه بحظ الهلال، والحمد لله على قضاء الله وقدره. على إدارة الهلال - وغيرها المُعلَّم - أن تعتني بموهبة الفريدي الفريدة وأن تهيئ لها سبل الإبداع، فالفريدي يحمل فكرًا رياضيًا لا يحمله أفراد جيله قالها جيرتس أم لم يقلها. لي صديق إلكتروني اسمه (حمادة المصري) عاشق لفريق النصر حد الثمالة، يتميز بدماثة خلقه، روحه مرحة، يجيد قلب الحقائق بطرافة، مشاكس، قال لي في ساعة صفاء إنه سيتحول لتشجيع الهلال ما لم يحقق النصر بطولة هذا العام، فدعوت الله أن يحقق النصر بطولة لئلا يخسر النصراويون موهبة تشجيعية بحجم أخينا حمادة. حمادة هذا لما ذكرت له أن أعلى نسبة حضور بين الجماهير السعودية في البطولة الآسيوية هي للجمهور الهلالي وفق إحصائيات الاتحاد الآسيوي، قال لي (طيب) والنصر أكثر حضورًا في بطولة الخليج! فقلت له لم تأت بشيء جديد! آخر حتى: اللهم بلغنا رمضان واجمع قلوبنا على الألفة والمحبة وطاعة الرحمن.