سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
طوفان الثورة الشعبية يجتاح شوارع يوغوسلافيا الشرطة تنسحب من مواقعها والبعض ينضم للمتظاهرين في علامات أخرى للإطاحة بميلوسيفيتش
المعارضة تدعو مناصريها إلى الهدوء وتجري أول مفاوضات مع الجيش
سيطرت المعارضة اليوغوسلافية أمس الجمعة على شوارع العاصمة بلجراد وعدد من المدن بعد ان بدا ان ثورة شعبية أزاحت الرئيس سلوبودان ميلوسيفيتش واتباعه عن السلطة. وتحولت بلجراد إلى حفل كبير في العراء في الساعات الأولى من صباح اليوم الجمعة اذ راح الناس يرقصون في الشوارع مع احتفال أنصار المعارضة بما يرون انه حريتهم التي نالوها حديثا. وقد اندفع المتظاهرون داخل البرلمان اليوغوسلافي كما اقتحموا مبنى يضم هيئة رئاسة الحزب الاشتراكي لميلوسيفيتش وحتى أدواته الدعائية انقلبت عليه فقد انضم العديد من أفراد الشرطة إلى المتظاهرين بينما بقي الجيش في ثكناته. وبعد مقاومة مبدئية من الشرطة التي أطلقت الغازات المسيلة للدموع اندفعت الحشود داخل مبنى البرلمان واشعلوا النيران في اجزاء منه ونهبوا كل شيء ذي قيمة في المبنى ومن ذلك الأطعمة والمشروبات من المطعم, كما اقتحموا التلفزيون الحكومي في بلجراد. وأظهرت صور وسائل الإعلام الغربية انضمام عدد من الجنود بزيهم العسكري إلى الحشد في البرلمان حيث عانقهم المتظاهرون. وقال شاهد عيان ان بعضا من الحشد البالغ عدده عشرة آلاف شخص قذفوا قوات الشرطة بالحجارة لكن فيليا ايليتش من زعماء المعارضة طلب منهم الهدوء, وقال للحشد : أتوسل اليكم ألا تقذفوا الشرطة بالحجارة, , انهم منا ,, يجب أن يكونوا إلى جانب شعبهم . كما ذكرت وكالة أنباء بيتا المستقلة ان فتاة قتلت عندما دهستها جرافة أثناء مظاهرات ضخمة في بلجراد أمس الأول الخميس وأصيب ثلاثة أشخاص آخرون بجراح من أسلحة نارية, ولم يعرف على الفور من المسؤول عن الحادث. كما أصيب نحو 100 شخص بجراح أخرى مختلفة. وكان الحشد ذروة حملة بدأت يوم الاثنين الماضي وبدأت تكتسب القوة منذئذ مع قيام الموظفين والبائعين وعمال المصانع باضرابات ومسيرات احتجاج, وكان لإضراب عمال مناجم الفحم أهمية بالغة في تلك الحملة لأنه أجبر أكبر شركة لتوليد الطاقة الكهربية في جمهورية الصرب على الأم بأحداث انقطاعات في إمدادات التيار الكهربي. وفي علامة أخرى على انتهاء حكم القبضة الحديدية لميلوسيفيتش والذي امتدت طيلة 12 عاما انسحبت قوات الشرطة الصربية أمس مساء من منجم للفحم حيث اضرب عمال لليوم السادس على التوالي مما يضعهم على خط المواجهة في الحملة التي تعم البلاد للإطاحة بميلوسيفيتش. وكان الزعيم المعارض فويسلاف كوستونيتشا وهومحور الاحتجاجات منذ تغلبه على ميلوسيفيتش في الانتخابات الرئاسية التي أعلنت السلطات بطلانها بعد ذلك أبلغ حشدا ضخما في بلجراد إن المعارضة هزمت الرئيس سلوبودان ميلوسيفيتش. وقال لحشد المهللين مساء الخير يا جمهورية الصرب المحررة . وأضاف جمهورية الصرب فتحت طريق الديمقراطية وحيثما توجد ديمقراطية لا يوجد مكان لسلوبودان ميلوسيفيتش . وقال كوستونيتشا انه تلقى وعودا من فرنسا برفع العقوبات الدولية المفروضة على يوغوسلافيا الأسبوع القادم. واندلعت النيران داخل أحد أجنحة المبنى مرسلة دخانا كثيفا أسود تقابله هتافات الحشود الملوحة بالإعلام خارج البرلمان. وهتف الحشد: النصر ,, النصر,, سلوبودان ,, سلوبودان,, انقذ جمهورية الصرب واقتل نفسك . وفيما لا يزال الغموض يحيط بمصير الرئيس اليوغسلافي سلوبودان ميلوسيفيتش، آخر دكتاتور في أوروبا تحرك خصومه لطمأنة الشعب اليوغسلافي القلق وللحصول على دعم القوات الأمنية. وفي مقابلة بثها التلفزيون الحكومي الذي استولت عليه المعارضة أمس الأول دعا فويسلاف كوستونيتشا، زعيم المعارضة الذي أقر حتى مسؤولو حكومة ميلوسيفيتش بنصره في انتخابات الشهر الماضي، إلى الهدوء وأعلن انه يستعد لتولي السلطة بسرعة. وقال : لا نريد عنفا للإعراب عن مطالبنا,, إنني أتصور بلادا دون توتر داخلي . وفي مشاهد تذكر بالانتفاضات الشعبية التي أسقطت حائط برلين وحكومات أوروبية شيوعية سابقة في أوروبا الشرقية قبل عشرة أعوام، اقتحم نصف مليون يوغسلافي أمس الأول الخميس مبنى البرلمان وأضرموا فيه النيران وسيطروا على مراكز شرطة ومراكز البث الإعلامي الحكومي. ولزم النظام الصمت ولم يعرف ما إذا كان قد انهار أو أنه يقوم بحشد القوات لتسديد ضربة مضادة. وقد قتل شخصان كما جرح 65 آخرون في المظاهرات المناوئة للنظام,ووردت تقارير عن أعمال نهب وسرقة مسلحة من مكاتب ومراكز للشرطة، إلا أن عشرات الآلاف من المحتجين واصلوا احتجاجاتهم دون تسجيل أي حادثة في شوارع بلجراد إلى ما بعد منتصف الليل. وتخلى الجيش وقوات الشرطة، الدعائم التقليدية لنظام ميلوسيفيتش الدكتاتوري، وتنحوا جانبا. وبعد ذلك غادرت قوات الأمن في عرباتها المصفحة المكشوفة رافعين إشارة النصر تضامنا مع المحتجين في الشوارع. وبعد محاولات فاشلة للاتصال بوزير الداخلية اليوغسلافي أمس الخميس، قال مومتشيلو بيريسيتش، أحد زعماء المعارضة وهو أيضا جنرال سابق في الجيش اليوغسلافي أنه تلقى ضمانات بأن الجيش والشرطة لن يمسوا الشعب. وأدلى بيريسيتش بتصريحاته هذه في أعقاب اجتماع مع قادة الجيش. وقال بيريسيتش للصحفيين: تحدثت إلى الجيش وقالوا إن كل شيء سيكون هادئا وأضاف بأن آليات السلطات ، تدعمنا . إلا أنه حذر من أن الأيام القادمة ستكون حساسة وبأن الصراع على السلطة لم ينته. وأعلن الاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر أن الصليب الأحمر اليوغوسلافي وزع ليل الخميس - الجمعة حوالي أربعين ألف وجبة طعام على المتظاهرين في بلغراد. وقال المتحدث باسم الاتحاد في بلغراد اندريه نياسو: في هذه الأثناء وزع الصليب الأحمر اليوغوسلافي حوالي أربعين ألف وجبة طعام مؤلفة من الخبز والماء في ثلاث نقاط في وسط المدينة . وأوضح ان عددا كبير من المنظمات الأعضاء في الاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال تبرعت بهذه الوجبات. وأفادت مصادر المعارضة الصربية أن الرئيس اليوغوسلافي سلوبودان ميلوسيفيتش يقيم في مخبأ تحت الأرض تحميه قوات من الجيش في شرق صربيا. وأوضحت أن ميلوسوفيتش فر إلى قرية بيليا نيتشا الواقعة إلى الغرب من بلدة بور القريبة من الحدود مع رومانيا وبلغاريا مبنية أن لواء المشارة 92 وقوات أخرى تقوم بحمايته. من جانبه حذر الزعيم المعارض زوران جينجش من احتمال قيام ميلوسيفيتش بالإعداد لتوجيه هجوم مضاد مشيرا إلى أن ميلوسيفيتش يحاول إعطاء الأوامر إلى بعض وحدات قوات الأمن ولكن بدون نجاح. أعلنت مصادر روسية في العاصمة اليوغوسلافية ان وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف الذي وصل صباح امس الجمعة إلى بلغراد والتقى الرئيس سلوبودان ميلوسيفيتش وزعيم المعارضة فويسلاف كوستونيتشا. ورفض ايفانوف الادلاء بأي تصريح لدى وصوله إلى مطار سورتشين وتوجه فورا إلى السفارة الروسية في وسط بلغراد. وقالت المصادر ان ايفانوف سيلتقي ايضا وزير الخارجية زيفادين يوفانوفيتش ورئيس الكنيسة الارثوذكسية الصربية البطريرك بافلي. ويرافق ايفانوف الذي يقوم بمهمته بتكليف من الرئيس فلاديمير بوتين، الموفد الروسي الخاص للبلقان فلاديمير تشيجوف ومدير دائرة اوروبا المكلف بيوغوسلافيا الكسندر تولكاتش. وكان الاخيران زارا يوغسلافيا في الثاني من تشرين الاول/ أكتوبر. وكان تشيجوف اعلن انه جاء للتباحث مع ممثلي السلطة والمعارضة, والتقى حينها كوستونيتشا. وأعلن رئيس الوزراء الروسي ميخائيل كاسيانوف في تصريح نقلته انترفاكس ان مسألة منح اللجوء السياسي للرئيس اليوغوسلافي سلوبودان ميلوسيفيتش ليست موضع بحث من قبل السلطات الروسية. وصرح كاسيانوف في استانا (كازاخستان) حيث يقوم بزيارة ان أحدا لم يطلب منا بحث المسألة. وقد أثارت الصحف مرارا في الايام الاخيرة احتمال ان يطلب ميلوسيفيتش مع عائلته اللجوء السياسي إلى روسيا الحليفة التقليدية ليوغوسلافيا. يذكر ان شقيق ميلوسيفيتش بوريسلاف ميلوسيفيتش يشغل منصب سفير يوغوسلافيا إلى روسيا. وفي واشنطن قالت الولاياتالمتحدة انها تأمل ألا يحاول الرئيس اليوغوسلافي سلوبودان ميلوسيفيتش التشبث بالسلطة بنوع من المقاومة الاخيرة للثورة الشعبية التي ترمي للاطاحة به. وقال بي, كراولي المتحدث باسم مجلس الامن القومي انه لا يمكنه تأكيد ما قاله زعيم المعارضة الصربية زوران ديندييتش من ان ميلوسيفيتش لجأ مع بعض كبار معاونيه الى بلدة بور بشرق جمهورية الصرب وانه قد يعد للقيام بانقلاب. وأضاف كراولي قوله: نأمل ان يعترف ميلوسيفيتش بالواقع ويتنحى سلميا, ونحن نعترف ايضا انه قادر بالتأكيد على تدبير مقاومة اخيرة, ومن اجل مصلحة الشعب الصربي نأمل ألا يفعل. وقال كراولي ان حكومة كلينتون ليس لديها معلومات تنبئ بأن ميلوسيفيتش غادر جمهورية الصرب. وأكد مسؤول بالبيت الابيض عزم واشنطن على رفع العقوبات الاقتصادية عن يوغوسلافيا حينما يتم تنصيب حكومة منتخبة انتخابا ديموقراطيا. وقد أشاد رئيس مونتينيغرو ميلو ديوكانوفيتش مساء الخميس بانتصار مواطني صربيا والمعارضة الديموقراطية الصربية على آخر ديكتاتورية في اوروبا. وقال ديوكانوفيتش الخصم اللدود لسلوبودان ميلوسيفيتش في تصريح وزعته وكالة مونتناكس فاكس للانباء احيي مواطني صربيا والمعارضة الديموقراطية الذين تمكنوا من تحويل طاقتهم الايجابية الهائلة التي تراكمت خلال سنوات إلى انتصار على آخر ديكتاتورية في أوروبا. واضاف رئيس مونتينيغرو ان هذه الديكتاتورية التي استمرت عشر سنوات في جمهورية يوغوسلافيا الاتحادية أساءت كثيرا إلى الجميع في المنطقة وإلى الشعب الصربي في المقام الأول. واشاد ديوكانوفيتش بتصرف الشرطة والجيش اللذين رفضت اكثريتهم العظمى الانصياع للديكتاتورية ملمحا بذلك إلى ميلوسيفيتش. وقال ان مونتينيغرو الديموقراطية هي اليوم على غرار العالم الديموقراطي بأجمعه مع صربيا المحررة. وفي بروكسل اعلن الممثل الاعلى للاتحاد الاوروبي في شؤون السياسة الخارجية والامنية خافيير سولانا امس الجمعة في تصريح لاذاعة بي,بي,سي , ان الاتحاد الاوروبي سيبدأ الاثنين برفع العقوبات المفروضة على يوغوسلافيا لدى اجتماع وزراء خارجية الدول الخمس عشرة في لوكسمبورغ,وقال سولانا: جدول الاعمال واضح جدا الاثنين سيعقد اجتماع لمجلس الشؤون الخارجية على ان يبدأ رفع العقوبات خلال تلك الجلسة، مستخدما التسمية الرسمية لاجتماع وزراء الخارجية,وأضاف : انها اشارة واضحة جدا على رغبتنا في بدء علاقات جديدة مع يوغوسلافيا سابقة ديموقراطية.