} بدأ الهدوء يعود تدريجاً الى العاصمة الصربية وسائر المدن، فيما انطلقت التحضيرات لتنصيب مرشح المعارضة فويسلاف كوشتونيتسا رئيساً ليوغوسلافيا. واستعد المجتمع الدولي لرفع العقوبات عن بلغراد واعادتها الى الحظيرة الدولية في اعقاب اطاحة الرئيس المخلوع سلوبودان ميلوشيفيتش في انتفاضة شعبية عارمة اول من امس. واعترفت جمهورية الجبل الاسود بكوشتونيتسا رئيساً للاتحاد اليوغوسلافي الذي يضمها مع صربيا، ما أنهى الخلافات بين الجانبين. ونقل وزير الخارجية الروسي تهاني الكرملين لكوشتونيتسا خلال زيارة له لبلغراد امس، التقى خلالها ميلوشيفيتش الذي بقي بعيداً عن الاضواء في ظل تكهنات حول خططه المستقبلية بعد رفض موسكو واثينا استقباله وتوعد محكمة جرائم الحرب في لاهاي بمطاردته. عاد الوضع الى بلغراد امس الى حاله الطبيعية، وخلت الساحات والشوارع من حشود المتظاهرين، واقتصرت على مجموعات تهتف للرئيس الجديد للاتحاد اليوغوسلافي فويسلاف كوشتونيتسا، فيما شكلت المعارضة "لجنة أزمة" لإقرار النظام في صربيا، وأعلن الجيش أنه سيتصرف في حدود صلاحياته الدستورية والتي تخص حماية البلاد من عدوان خارجي. وأسرع العمال منذ صباح امس، الى تنظيف الأضرار التي لحقت بكل من مبنى البرلمان والتلفزيون القريب منه وسط بلغراد، وعادت محطات التلفزيون الحكومية المحلية والفضائية الى البث وتقديم برامجها العادية. ودأبت وكالة "تاينوغ" للأنباء الرسمية وغيرها من المؤسسات الإعلامية الحكومية على وصف فويسلاف كوشتونيتسا ب"الرئيس المنتخب". وواصلت الدوائر الحكومية كافة دوامها العادي، ولم تظهر أي اعمال انتقامية. وتوافرت قناعة عامة بأن التغيير الذي حصل هو "في اتجاه صحيح ومفيد لصربيا ويوغوسلافيا"، خصوصاً أن كوشتونيتسا ميال الى السلم ويتعاون مع رئاسة الكنيسة الأرثوذكسية الصربية في تطبيع الأوضاع. وأبلغ مصدر في قيادة المعارضة الديموقراطية "الحياة" أنه إذا اقتضت تغييرات ضرورية فإنها ستتم "بهدوء ومن دون ضجة". وأكد كوشتونيتسا سعيه الى عودة الأوضاع الطبيعية الى يوغوسلافيا "وحل المشكلات الداخلية والخارجية التي تعاني منها" البلاد. وأكد أنه لن يسلم اي مواطن يوغوسلافي إلى أي محكمة دولية "مهما كانت الضغوط عليه شديدة"، موضحاً أنه يوجد في البلاد محاكم يمكن أن تحاكم كل شخص من سكان يوغوسلافيا، إذا وجهت إليه تهمة ما. وشكلت المعارضة أمس "هيئة أركان لجنة أزمة يوغوسلافيا" لتولي "قرار النظام والأمن في البلاد، وإدارة مهمات الحكم في جمهورية صربيا". وأبلغ عضو قيادة اللجنة فيليمير ايليتش "الحياة" في مكالمة هاتفية من بلغراد، أن اللجنة ستكون برئاسة رئيس الاتحاد اليوغوسلافي فويسلاف كوشتونيتسا وتضم ممثلين عن الجيش والشرطة والاختصاصيين والقطاعات الوطنية والعمالية المختلفة، إضافة الى عدد من زعماء المعارضة الديموقراطية. وأشار الى أن اللجنة "ستتولى معالجة الحال الاستثنائية في البلاد وجعلها تسلك سبيلاً طبيعياً يضمن السلم والحرية لكل المواطنين". واجتمعت أمس قيادة الجيش اليوغوسلافي في وزارة الدفاع في بلغراد لبحث الأوضاع الراهنة في البلاد، وأعلن مسؤول الإعلام في القيادة العقيد دراغان فيليتشكوفيتش، أن الجيش "لن يتحرك إلا إذا تعرضت منشآته العسكرية وأفراده ومؤنه لتهديد مباشر". وأكد أنه "لم تحدث أي تحركات للقوات المسلحة التي ظلت ملتزمة ثكناتها في كل أنحاد البلاد، ولم تتدخل ضد الاحتجاجات في الشوارع". ونقلت وكالة انباء "بيتا" الصربية المستقلة عن رئيس جمهورية صربيا ميلان ميلوتينوفيتش أنه لن يتخذ أي قرار في شأن التعاون مع قيادة كوشتونيتسا "إلا بعد انتهاء المفاوضات مع ميلوشيفيتش". وكان مصدر في المعارضة أفاد أن زعماء القيادة الجديدة على اتصال بالرئيس الصربي ميلوتينوفيتش، حليف الرئيس ميلوشيفيتش. وأعلن نائب رئيس "الحزب الاشتراكي الشعبي للجبل الأسود" زوران جيجيتش أنه "هنأ كوشتونيتسا لمناسبة تسلمه رئاسة الاتحاد اليوغوسلافي الذي يضم صربيا والجبل الأسود". ومعلوم أن هذا الحزب حليف لميلوشيفيتش ويرأسه رئيس الوزراء الاتحادي رئيس الجبل الأسود السابق مومير بولاتوفيتش، الذي ذكرت مصادر المعارضة أنه يميل نحو التعاون مع الرئيس كوشتونيتسا والبقاء في منصبه في الوقت الحاضر. ومن جانبه، أفاد رئيس الجبل الأسود ميلو جوكانوفيتش في تصريح نقله تلفزيون العاصمة "بودغوريتسا" الحكومي أمس، أنه اتصل بكوشتونيتسا وهنأه على تسلم رئاسة الاتحاد اليوغوسلافي. وقال "إن صربيا انتظرت هذا اليوم طويلاً، وقد أظهر الصرب حقاً أنهم اقوياء في مقارعة الظلم والتسلط". وفي كوسوفو أعلن زعيم صرب القسم الشمالي من مدينة ميتروفيتسا شمال غربي الإقليم أوليفر ايفانوفتيش أنه "مسرور للتحولات التي تمت في بلغراد". وقال انصار كوشتونيتسا انه سيلقي كلمة في اجتماع حاشد خارج البرلمان، لكن لم يحدد بعد مكان وتوقيت تنصيبه رئيساً، على رغم ان محطات اذاعة محلية اعلنت انه كان مقرراً ان يجرى امس. وقالت مسؤولة اعلامية في كتلة المعارضة الديمقراطية الصربية ان كوشتونيتسا سيتحدث في التجمع الحاشد ثم يباركه رئيس الكنيسة الارثوذكسية الصربية البطريرك بافلي". واضافت ان خطط التنصيب الرسمية لم تقرر بعد ومن غير الواضح متى ستعقد جلسة تأسيسية للبرلمان الاتحادي.