ما زال الحديث عن علامة الجزيرة ذا شجون، وما زالت كلمات الرثاء تتساقط حزينة على أوراق الصحف، ولعل ما سأتحدث عنه يكون مادة كتاب جاهز للطباعة، وفي حينه يكون أسرع كتاب يطبع في فترة وجيزة من الزمن الذي يستغرق فيه إعداد كتاب ليرى النور. مادة هذا الكتاب هي تلك المقالات والمرثيات التي كتبت عن الشيخ حمد الجاسر ونشرت في الصحف من يوم وفاته إلى آخر ما نشر، فالمقالات التي نشرت عنه في الصحف والمجلات ليست بهينة كما وكيفا، بإضافة المراثي الشعرية نظما ونثرا من قصائد مطولات ورباعيات، وما نشر عبر الإنترنت، وما قيل عنه في الندوات الداخلية والخارجية في البلاد العربية، ولو جمع ما نشر في المجلات فقط لكان ذلك كافيا لمادة كتاب. وقد جاءت هذه المقالات متعددة الجوانب المتناولة لحياة الجاسر، ومختلفة في الصيغ والأساليب الكتابية ولكنها تصب في وعاء واحد ومعناه الجاسر. والشيخ الجاسر كما عرفناه: أديب ومؤرخ، وما دام كذلك فمن الأعمال التاريخية ووفاء له أن تجمع هذه المقالات قاصيها ودانيها في كتاب كما أسلفت، ويجعل هذا الكتاب ضمن تراثه الذي تركه المتمثل في مكتبته الخاصة، ويكون الغرض من هذا جمع ما قيل وما كتب عنه في حياته وبعد مماته، وأن يحفظ الكتاب إلى جانب ما كتبت يداه وسطره يراعه، في المكان الذي سيضم مكتبته سواء كان في منزله أو في المركز الثقافي الذي سينشأ باسمه والمحتوي تراثه وموضع دراسة كتبه وأدبه، وأن يصدر من المكان نفسه مجلته (مجلة العرب). وحينذاك يكون من يقرأ له في كتبه، كذلك يقرأ عنه في ذلك الكتاب أو الموسوعة المعرفية الخاصة بالشيخ حمد الجاسر والمتضمنة ذكره وأخباره وسيرته، فقد يقف على تراثه من لا يعرفه، وقد يتساءل تراث من هذا؟ ومن هو الجاسر؟ فتأتيه الإجابة إقرأ هذا الكتاب ففيه (الشيخ حمد الجاسر). وقد التقى الجاسر بكثير من الرجال المعاصرين، وجالسهم وتباحث معهم وأخذ منهم وأعطاهم، منهم من درسهم وعلمهم عن قرب، ومنهم من استفادوا عن بعد ومنهم من جالسه في منزله، ومنهم من زامله وصاحبه في شبابه ومنذ بداياته العلمية، ومنهم من رافقه في سفره ورحلاته العلمية والبحثية وغيرها، ومنهم من عرفه عن بعد، ومنهم ,, ومنهم الكثير. وقد تحدث كل واحد من هؤلاء بما عرف عنه، وأفاد الآخر بنتائج تجربته معه، وأدلى البعض بما يحق أن يدلي به في الحديث عن رجل كهذا، وفي ظني ان هذا سيسعف الجيل في معرفة الجاسر المعرفة القريبة التي قد لا تحتاج إلى تنقيب. أما كيفية جمع هذه المقالات فمن الممكن ان تقوم كل صحيفة سبق لها ان نشرت عن الجاسر ( من تاريخ وفاته) بإعداد ملف صحفي خاص بها، مثل دأب (الأربعاء بجريدة المدينة) في تخصيص ملف خاص عن أديب أو شاعر من المكرمين الراحلين والباقين، ثم تجتمع حصيلة هذه الملفات كلها وتصنف تحت عنوان الكتاب، مثل (علامة الجزيرة حمد الجاسر، أو هذا هو الجاسر، أو حسب ما يقترح في تسميته) ويجعل هذا الكتاب في متناول يد السائل أو الباحث عن الجاسر علميا وأدبيا وتاريخيا واجتماعيا، بل في متناول الجميع داخل المملكة وخارجها. وإن أمكن أيضا جمع الحوارات التي دارت معه، واستقصاء الدراسات التي درست علمه وأدبه وشعره وغيرها سواء في الصحف أو في المجلات المحلية وغيرها كما فعلت في ذلك مجلة (النص الجديد) في عددها التاسع والعاشر ربيع الآخر 1421ه، فقد أحسنت بجمعها جل ما كتب عن شيخ الأدباء والنقاد الأستاذ عبدالله عبدالجبار، من مقالات ودراسات سبق نشرها بعضها في بعض الصحف المحلية، واشتمل العدد أيضا على قراءات في أدب عبدالجبار وما قيل عنه حول إبداعه الأدبي والنقدي. وعلى إثر مقالة أمين عام دارة الملك عبدالعزيز الدكتور فهد عبدالله السماري والمذكور فيها (ودارة الملك عبدالعزيز باعتبارها المركز العلمي المعني بتاريخ البلاد وجغرافيتها وآثارها الفكرية والعمرانية سوف تسهم في خدمة هذا التراث المتعلق بالشيخ حمد الجاسر) جريدة الجزيرة 18/6/1421ه. وبه أقترح أن تتبنى إدارة الدارة مشروع جمع مادة هذا الكتاب وطباعته فهي أولى بهذا العمل الوثائقي والتاريخي كما هو دأبها في الاهتمام بحفظ التاريخ وتوثيقه ونشره. وما دام الشيخ حمد الجاسر ديدنه التاريخ، فلنجعل له شيئا من التاريخ ليبقى ذخرا لأبناء الجيل، وإليكم بعض العناوين الجميلة التي تحمل عبارات ومعاني مؤثرة: وترجل الفارس, ضجيج من المعرفة، حبيب الجزيرة، النسابة الجغرافي، عاشق التراث, قد يطول الوقت لشمسك لتغيب, مثله لم يمت، الذاكرة الحية، كفكفوا الدمع، موسوعة طويت في اللحد, أصمعي المملكة، سادن تراث الجزيرة, عذرا على ما حدث, معجم الرحلة الأخيرة, العين الجارية, الرمز والتراث, وجوم في السماء، جفاف نهر, ثوى فارس التاريخ, علم الذرة وبلوغ الغمر, الصبي النحيل. وفي تتبعي الصحف ظفرت بأن جريدة الجزيرة هي أكثر من نشرت عن الجاسر بعد رحيله من مقالات وشعر، حيث خصصت صفحات عن الجاسر تحت عنوان (القبر الخامس يواريه الثرى) رحمه الله, فهنيئا لجريدة الجزيرة بعلامة الجزيرة. فهل تترك هذه المقالات لتذهب هدرا وهباء، وتخيلوا حجم ثروتها حين تجمع في كتاب مستقل لا في القصاصات الصحفية التي لا تعمر طويلا أو أنها لا تأخذ الشكل الذي يضمن الاحتفاظ بها، فهل الاقتراح في محله، وهل إلى ذلك من سبيل وفي أسرع وقت ممكن.