في زمن كثرت فيه مغريات الحياة,, وفي وقت تجددت فيه سبل المعيشة وتنوعت,, وقلّت فيه روابطنا الاجتماعية وتشتتت,, أقف بين يديك عزيزتي الجزيرة ممسكا بصور من صور الترابط التي افتقدناها,. عندما يتحدث كبارنا عن معيشتهم السابقة تتفطر قلوبنا حزناً وألما,, ولكنهم حينما يتحدثون عن البساطة والرابطة القوية التي تجمعهم وتؤلف بينهم فإن قلوبنا تتفطر ألما مرة أخرى لماذا، وما هو السبب؟!! لأننا افتقدنا ذلك الشيء الجميل وتلك الصفة المحمودة في زمن طغت فيه ماديات الحياة وأصبحنا نلهث وراء مشاغلنا تاركين روابطنا تتأوه علينا وعلى تصرفاتنا,. كان سكان القرية يتجمعون بعد صلاة المغرب ويعودون مرة أخرى بعد العشاء ليتعشوا ويتفرقوا وقد ازداد تآلفهم ودرسوا مشاكلهم وعرضوا بعضهم على البعض آراءهم واقتراحاتهم,, ولكنهم كانوا ولا يزالون,, ولكن ماهي حالنا في المدن مع بعضنا؟ هل استسلمنا لمتطلبات الحياة,, بالتأكيد لن نوقف طلباتها حتماً,, ولكن أنجعل ذلك على حساب السعادة والالتقاء بالجيران والتحدث إليهم والتلاطف معهم. وإذا انتقلنا إلى الروابط الأسرية فحدث عن الفجوة الكبيرة التي لم تعهد بالسابق ويكفي ان أذكر لكم هذا المشهد المأساوي,, زوجوها وهي صغيرة من منطقة بعيدة,, وتركوها مع زوجها المسن قرابة ثماني سنوات حيث كانت فيها الزيارة الأولى من قبلها هي وكان ذلك عام 1402ه ثم عادت لمنطقتها البعيدة واشتغلت بأبنائها فترة من الزمن دون تواصل او اتصال وهي لا تعلم عن أسرتها الأولى إلا موقع سكنها البعيد,, حتى عام 1420 ه وإذا باتصال يخبرها أن والدتها في إحدى المدن القريبة إن كانت ترغب زيارتها,, تذكرت أيام طفولتها مع والدتها وكأنها في خيال ثم قررت أن تذهب لتسلم على والدتها بعد ثمانية عشر عاماً من الانقطاع,, هل تصدقون هذا الكلام,, ولكنه هو ما حدث وعايشته داخل مملكتنا الحبيبة بالتأكيد فمثل هذه القصة بالغة في الندرة,, ولكننا مع ذلك نحس بضعف في ترابطنا الأسري عن السابق وما ذلك إلا نتيجة انغمارنا في الحياة ناسين أهمية الترابط الأسري وفضيلة صلة الرحم التي حثنا عليها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم, وأنتقل إلى موضوع يقل أهمية عن سابقيه إلا أننا نستدل منه على عدم اهتمامنا بالصداقة والروابط القوية مهما بلغ تأصلها بين قلوبنا فهذا زميلك في العمل أمضيت معه عاماً أو اكثر ضربتم فيها اروع فنيات الصداقة داخل العمل وخارج العمل من رحلات واجتماعات وكأنكم خرجتم على هذه الدنيا سوياً,, ثم يأتي الانتقال فيرحل أحدكم مودعاً الآخر والدموع تتناثر,, وما هي إلا لحظات يسيرة في عداد الزمن المتسارع ثم تنسى كل أشكال التعارف بين الاثنين ويعفو عليها الزمن,,! أهذا هو ثمن الصداقة؟! أهذه أهمية الإخوة وزمالة العمل فترة من الزمن؟!! وأنا لا أدعو إلى اللقاء المتكرر,, وإنما أتمنى ألا تنسى تلك العشرة الطيبة ولو باتصال مصغر يجسد أهمية التواصل,. كل ما ذكر من أشكال الخلل الترابطي بين أفراد المجتمع له سلبياته وله أخطاره، فلا مجتمع ناجح إلا بتآلف وتعارف وصداقة لايفنيها الزمن, وفق الله الجميع. صالح بن محمد السليمي القصيم العماير