في مداخلة الأسبوع الماضي، ذهبت إلى أننا لوأعملنا الذاكرة في كثير من الكوارث التي مرت بنا لأدركنا أن وراء كل كارثة غياب حقيقي أو(صناعي) ل (الشعور). وأن على المجتمع أن يعنى بدراسات (الشعور) و(الضمير) و(الأخلاق)، حتى نحمي (كتلتنا) المجتمعية من تجار ال (أنا) الذين أنهكونا بين الأمم. ذوي ال (أنا) المادية، وال (أنا) الفكرية، وال (أنا) الثقافية. وال (أنا) الاجتماعية. وتفيد المراجعة المتأنية لقضايا وموضوعات (الشعور)، و(الضمير) و(الأخلاق)، إلى أن ثمة علاقة طردية بين مدى عمق هذه الجوانب في مجتمع ما، ورعاية ذات المجتمع لقضايا وموضوعات الفنون الجميلة. فالجانب الإنساني المتمثل في الأحاسيس والشعور يحتاج من يتعهده بالرعاية والتنمية، تماما كما هوحال بناء الجسم (عضليا) في حاجة لجملة من التمرينات والتدريبات البدنية. وأظن، أن (من) مسببات (نقص) الشعور والأحاسيس الجمعية عند عناصر مجتمعية ما، تدني مقياس الشعور والأحاسيس الجميلة، ونقص القدرة على تذوق نعمة الحياة المجتمعية بكل تبايناتها وتكاملاتها. حتى يصل الحال ببعضنا إلى القدح في الآخر، أوالاعتداء المعنوي أوالحسي عليه. وأظن، أن من بين أهم خياراتنا، أن نعيد النظر في بنائنا (الفني)، وفي منتجنا (الجميل) القادر على تنمية (الإحساس) و(الشعور)، ودعم (الإبداع) وتطويره، والحث على احترامه، والتكامل مع مخرجاته. فكما نحن (مجيدون) إلى حد ما، في جوانب (نقلية) (كليّة) مهمة، فلا خيار لنا، اليوم، من أن نسعى بجدية كاملة وبإصرار كبير لأن (نجيد) في منتجنا (العقلي) و(العاطفي)، وكلاهما عندنا فيه نظر كبير. العمارة، والموسيقى، والرسم، والشعر، والنحت، والرقص، والسينما، والفلسفة، هي الفنون الجميلة الثمانية التي ارتضتها كثير من الكيانات البشرية. ولا أظن إلا (أننا) أولى الناس بها، إذا كنا نعي حقا كثيرا من (النقولات) التي تدعولحب الحياة والعيش الكريم واتخاذ الزينة والجمال والتعامل مع الناس بالحسنى. ومن هنا، أظن، أن كثيرا من مداخل (فقه التعامل)، بالرؤى الشرعية المتطورة، قادر على استيعاب كثير من هذه (الفنون) وتطويعها (لنا)، بما يتفق مع (ثوابتنا) ولا يخالف حكما (صحيحا) في شرعنا. فلا نكون بعد اليوم أمام خياري (الأخذ بكل الشيء) كما هوعند الآخرين، أو(الرفض لذات الشيء) دون لمسة إبداع (نقلية) و(عقلية) من عندنا، تجعلنا قادرين على تنمية عقول الناس وعواطفهم وحثهم ليكونوا أقدر على (الإحساس) بنعمة الحياة، و(إدراك) أن الله تعالى خلق الناس ليبلوهم (أيهم) (أحسن) عملا. ف (الحسن) و(الجمال) و(الزينة) للذين آمنوا، بنص (النقل) المعصوم. وهي (خالصة) لهم، يوم القيامة بذات النص. نحن إذا، أمام حقائق مجردة، لا مجال فيها للتورية ولا للتشكيك، ولا لتقاذف التهم والصفات والنعوت، ولا للمزايدة على المبادئ أوالقيم أوالثوابت. نحن (مخفقون) بمقاييس عالمية، في تنمية الإحساس والإبداع والشعور عند (آحادنا)، وقد فعلنا ذلك (بنا) لأننا ظننا في يوم من أيام العرب أننا (وحدنا) نمتلك (الحقيقة) وأن عند غيرنا (غير ذلك)، فآثرنا منتجنا على منتجاتهم، وقدمنا ما لدينا على ما لديهم، ونسينا أوأننا (تناسينا) أن الله تعالى قد خلق الناس شعوبا وقبائل ليتعارفوا. إن الفنون الجميلة الثمانية، حق بشري مشاع. ومسلك تنموي وحضاري استراتيجي، وضرورة كبرى لحماية المجتمعات من الكوارث. تلك الكوارث التي تتكاثر في بيئة (الأنا)، وتنموفي بيئة (النقل) المجردة من إعمال (العقل) في فهم (النقل) كما أراد الشارع الحكيم (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا). صدق الله العظيم. ومن مسوغات (التدبّر) أن نعمل (العقل) في تطويع (العلوم) و(الفنون) لصالحنا، وبما تقتضيه (ثوابتنا) لا أن (نعزف) عن كل (فن)، حتى تجف عقول بعضنا، وتقسوأفكار نفر منا، فيأتي (هو) يريد (منا) ما أراد منه بعضنا، في يوم مضى، أن نسمع ونطيع وكفى. [email protected]