تتكرر الأخبار عن انتشار تعاطي المنشطات في صفوف الرياضيين في مختلف الرياضات، خصوصاً تلك التي تعتمد على المجهود العضلي، ككرة القدم والملاكمة والتنس... والعدو. وتعرّف «الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات» المنشط بأنه «كل مادة أو دواء يدخل الجسم وبكميات غير اعتيادية لزيادة نشاط العضلات أو الكفاءة البدنية لتحقيق إنجاز رياضي بطرق غير مشروعة». يُقبل الرياضيون بشغف على المنشطات في سعيهم الحثيث خلف بريق الألقاب، على رغم وعيهم خطورة هذه المواد على صحتهم. وأكد أطباء أن استخدام المنشطات والمنبهات يقود إلى جملة من الأمراض، أكثرها شيوعاً العجز الجنسي والعقم والموت المفاجئ، إضافة إلى السرطانات بمختلف أنواعها، كما أنه في الأساس يشكل مخالفة صريحة للروح الرياضية التي تدعو إلى التنافس الشريف. وإذا كان الرياضيون قبل مئات السنين استخدموا أنواعاً بدائية من المنبهات، فإن الرياضيين الحاليين يتفننون في استحداث أساليب جديدة وأنماط حديثة من المنبهات والمنشطات، في محاولة لخداع الأطباء المشرفين على مكافحة تعاطي المنشطات وكشف منسوبها في أجسادهم. وعلى رغم أن الرياضيين ينجون في أحيان كثيرة بفعلتهم، محققين إنجازات كبيرة وألقاب أولمبية ومحطمين أرقاماً قياسية، كثر منهم يُكشف أمرهم، ويلاحَقون قضائيا ويجرَّدون من ألقابهم ويُحرمون من مواصلة الاحتراف ويغرَّمون بدفع مبالغ كبيرة ويعاقَب شركاؤهم، وأحيانا يُكشف غش الرياضيين وتعاطيهم بعد فترة طويلة تمتد عشرات السنين، لكن ذلك لا يلغي العقوبة، فعقوبة تعاطي المنشطات لا تسقط بالتقادم. ولم يسلم العالم العربي من عدوى تعاطي المنشطات المستشرية في صفوف الرياضيين العالميين. وأوردت مجموعة "رياضة نظيفة"، في تقرير لها صدر في المغرب العام الماضي، أن الرياضيين العرب يستعملون سنوياً أكثر من تسعين مليون جرعة منشطات. ويأتي هذا الرقم الكبير نسبياً في ظل خلو العالم العربي من معمل دولي معترف به لكشف تأثير المنشطات في دم المتعاطين ولعابهم، بعد توقف «معمل تونس» عن العمل إثر أحداث الربيع العربي التي بدأت في تونس مطلع عام 2011، بينما يأمل الرياضيون العرب بأن يحصل «مختبر مكافحة المنشطات» المفتتح حديثاً في الدوحة على الاعتراف الدولي سريعاً. ولم تعد المنشطات مجرد وسيلة لتحقيق حلم رياضي بحمل لقب أو تحطيم رقم قياسي، بل أصبحت تجارة رائجة لها شركاتها ومروجوها، ولها عصابات مافيا تحتكرها. ولم يعد الرياضيون المستعدون للتعاطي مجرد أشخاص يطاردون أحلام الشهرة والنجومية، بل ربما تحولوا إلى ظلال يستخدمها المروجون الكبار ويجنون من خلفها أموالاً طائلة يستخدمون جزءاً منها في تطوير أساليبهم لمخادعة لجان الكشف عن المنشطات وفي الإيقاع برياضيين جدد.