شبه الأديب السعودي عبدالرحمن الدرعان المدرسة ب«المعتقل الذي يُجْهز على ملكات الطفل ونزوع العفو والحرية، وينحته تماماً كما ينحت الحجر ليقدمه على هيئة نموذج لها»مشيراً إلى أن الطفل «يأتي إلى المدرسة عجينة بيضاء تشكله على هواها، ولطالما سمعنا بقول التربويين بأن المدرسة لا تعترف بالطفل وتشكله على هواها ومزاجها، وبأنها لا تعترف فيه بصيغة المفرد»، مشدداً على أن المدرسة «هي من يتعين عليها أن تضع المعرفة في أعلى سلم أولوياتها وأن تفتح الآفاق أمام الطفل، غير أن ما يحدث داخل هذه المؤسسة لا يقل عن وصفها بمعتقل». وأكد أن القراءة تفضح حال التخلف المركب الذي تعاني منه الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج، مشيراً إلى الحاجة للمراجعة الشاملة لمختلف البنى الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية والتعليمية، مطالباً بعدم فصل أزمة القراءة عن بقية الأزمات التي تعاني منها الشعوب العربية، لافتاً إلى أن هذه السياقات مرتبطة ببعضها، إذ إنه لا توجد أزمة قراءة فقط، بل إنها أزمات مختلفة أيضاً، فهي أزمة قراءة، وأزمة كتابة وأزمة حقوق إنسان، وأزمة امرأة، وأزمة سكن وغيرها. جاء ذلك في محاضرة قدمها الدرعان في نادي الجوف الأدبي مساء الثلثاء الماضي، بعنوان «القراءة وأهميتها في حياتنا» وأدارها عضو مجلس الإدارة سعود بن جلباخ الخضع. وقال المحاضر إن موضوع المحاضرة لم يعد موضوعاً واحداً، مشيراً إلى القراءة وإشكالاتها وعلى مدى عقود وحال العزوف المعرفي، مبيناً أن حال القارئ العربي «بائسة مقارنة بالقارئ الغربي». وتطرق المحاضر إلى القراءة وكيف بدأت منذ أن كان طفلاً يتردد على مكتبة الثقافة العامة، التي أنشأها الأمير عبدالرحمن السديري آنذاك. وقال إن الإنسان العربي ابن ثقافة شفهية لم تعرف الكتاب، إلا في مراحل متأخرة جداً». وأبدى الدرعان امتعاضه بصفته أحد المنتسبين للتعليم، من خطط وزير التربية والتعليم السابق، عندما كان بصدد تحديث بعض المناهج، إذ يلجأ إلى جهات خارج الوزارة، قائلاً: «إن أجندة وزارة التربية في عهده كانت في أدراج الآخرين، وليست في أدراج الوزير نفسه». وشهدت المحاضرة مداخلات عدة لكل من الدكتور محمود عبدالحافظ والشاعر زياد السالم، الذي قال إن الدرعان «دائماً يقع في أفق المفاجأة، مفيداً بأنه تميز على مستوى السياق التنظيري، وقد أحاط بموضوعه من جوانب متعددة»، مشيراً إلى أن القراءة تمثل «أزمة بنيوية، تأتي من الإخفاقات على مستوى المحيط الاجتماعي، والإخفاقات على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي». وقال: «إن التغيير والرهان إلى التحول من جسم في حال احتضار، إلى جسم اجتماعي صاعد دونه خرط القتاد، بسبب معوقات في تأسيس وعي اجتماعي معرفي على المستويات كافة». وفي ختام المحاضرة قدم رئيس نادي الجوف الأدبي إبراهيم الحميد درعاً تذكارية للقاص عبدالرحمن الدرعان.