يجول رئيس الاتحاد الأوروبي هيرمان فان رومبوي على عواصم الدول الأعضاء، منذ توليه مهمته بداية السنة، في نطاق الإعداد للقمة الاستثنائية في 11 شباط (فبراير) المقبل حول وسائل الخروج من الأزمة الاقتصادية وتفاوت الأوضاع داخل منطقة «يورو» ومراجعة الموقف التفاوضي في الساحة الدولية تجاه مشكلة التغير المناخي. وعقد فان رومبوي لقاءً أمس مع رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون قبل التوجه إلى نيقوسيا، بعد أن زار برلين وبوخاريست ومدريد وغيرها من عواصم الاتحاد. وأفاد مصدر مقرب من الرئيس ال «الحياة» بأن الأخير يجمع الأفكار في كل محطة من زياراته وسيقدم الاستنتاجات الأولى خلال الاجتماع الاستثنائي في بروكسيل. ويتولى فان رومبوي مهمة إبراز الحضور الأوروبي في الساحة الدولية، «لكنه اختار تركيز جهوده في المرحلة الأولى على المشاكل التي تواجه المواطنين والحكومات والمؤسسات الاقتصادية في السوق الأوروبية». أضاف المصدر، «ستراجع القمة أيضاً الأسباب التي أدت إلى استبعاد الاتحاد الأوروبي من المفاوضات النهائية بين الدول الكبرى في اجتماع قمة كوبنهاغن للمناخ». وأوضح أن الصين والولايات المتحدة والهند استبعدت الاتحاد الأوروبي «لأن موقفه كان معروفاً ويقضي بخفض 20 في المئة من غازات الدفيئة في 2020 وزيادة إنتاج الطاقة النظيفة 20 في المئة أيضاً». وواجه الموقف ضغطاًً داخلياً جراء تراجع دول أوروبية، بخاصة الدول الشرقية خلال مفاوضات المرحلة النهائية في كوبنهاغن. وقال فان رومبوي خلال توقفه الجمعة الماضي في السويد، إن الاتحاد الأوروبي «يواجه حالياً تحديين كبيرين يتمثل الأول في سعيه إلى استعادة النمو بعد الصدمة الكبيرة الناجمة عن الأزمة الاقتصادية والمالية. ويجب تجاوز التحديات القائمة والمتصلة بها في المديين القصير والمتوسط، والعمل في الوقت ذاته على مواصلة التغيرات الهيكلية لتنفيذ خطة لشبونة حول النمو وإحداث مواطن العمل». ويتمثل التحدي الثاني في استئناف مفاوضات تغيّر المناخ مما توصلت إليه قمة كوبنهاغن لصوغ اتفاق دولي يضمن تقييد ارتفاع حرارة الكون درجتين. ويعد فان رومبوي القمة المقبلة وسط انقسامات عميقة تهدد انسجام منطقة «يورو»، وفي ظل ضائقة تشهدها دول الاتحاد كافة. فبينما تستعيد كل من فرنساوألمانيا بعض النمو، فإن الآفاق لا تزال ضبابية في أسبانيا أو اليونان وقاتمة بالنسبة إلى أوضاع سوق العمل. عجز الموازنات وتراقب المفوضية الأوروبية عن كثب صعوبات الموازنات العامة وتشدد على وجوب معاودة الضغط على الإنفاق العام وكبح العجز في أقرب وقت، لأنه يفوق ثلاثة في المئة (التي تسمح بها معاهدة الاتحاد النقدي)، في 7 دول من أصل 16 أعضاء في منطقة «يورو». ويقدر المعدل العام للعجز ب 6.4 في المئة في المنطقة النقدية. ويبلغ عجز الموازنة العامة 3.4 في المئة في ألمانيا و11.2 في أسبانيا و12.5 في إرلندا و12.7 في اليونان. وتواجه منطقة «يورو» ضغوطاً جديدة تنجم عن تفاوت النمو ومستويات العجز العام. ويراقب البنك المركزي الأوروبي عودة النمو في الدول الكبيرة مثل فرنساوألمانيا، وقد يتجه نحو رفع أسعار الفائدة للتحصن ضد أخطار عودة التضخم. لكنه قد يحد باعتماده هذه الخطوة من فرص الاقتراض بالنسبة إلى مؤسسات الإنتاج، بخاصةٍ في الدول التي لا تزال تعاني صعوبات كبيرة مثل اليونان. ووعد وزير المال اليوناني بأن تتخذ حكومة بلاده الإجراءات الضرورية لتستجيب إلى شروط الاستقرار المالي وخفض العجز إلى مستوى ما تقتضيه المعاهدة في حدود عام 2012. وقال جورج باباقسنطينو إن الحكومة قدمت إلى المفوضية الأوروبية خطة مالية تقود إلى خفض العجز من 12.7 في 2009 إلى نحو 3 في المئة في الأعوام القليلة المقبلة. وتعاني اليونان أيضاً من ارتفاع المديونية العامة إلى 113 في المئة من الناتج المحلي. ونسفت الأزمة صدقيتها في أسواق المال وفقدت درجات في سلم مؤسسات الإقراض. وقال وزير المال نهاية الأسبوع الماضي، إن «الأسواق حذرة والمناخ ليس إيجابياً» تجاه بلاده. وأشار إلى أن «دولاً عديدة تواجه صعوبات في موازناتها العامة لكنها لم تفقد صدقيتها مثلما حدث بالنسبة لليونان». وتطال الشكوك سياسات اليونان، ومنها البيانات الإحصائية بعد أن ثبت في السابق تزويرها معطيات إحصائية خلال التمهيد لانخراطها في عملة «يورو». وأكد رئيس الوزراء الإسباني رئيس الدورة الحالية للاتحاد «ثقة القمة في حكومة رئيس الوزراء اليوناني جورج بابندريوس والخطة المالية التي أعدتها لتقليص العجز». ويبدو من ناحية أخرى أن الأفكار التي اقترحها جوزي لويس ثباتيرو من أجل العمل على «تحديد أهداف اقتصادية إلزامية»، لم تعمر طويلاً فرفضتها كل من ألمانيا وبريطانيا. ونأى رئيس الاتحاد هيرمان فان رومبوي بنفسه عن انتقادها واكتفى بالقول إنها «إيجابية».