تدخل العلاقات العراقية - السورية منعطفا جديداً، بعد أكثر من 28 سنة من التوتر السياسي والقطيعة، بمحادثات يجريها رئيس الوزراء السوري محمد ناجي عطري في بغداد، يتوقع أن تسفر عن توقيع اتفاق استراتيجي بين البلدين. وكان عطري الذي دعا الى «تغيير شامل في العلاقات وصل إلى بغداد أمس على رأس وفد من 12 وزيرا وعدد كبير من التقنيين والفنيين لترؤس اجتماعات اللجنة العليا المشتركة بين البلدين. وأكد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الذي وصف زيارة نظيره السوري ب «التاريخية» امس ان «العراق يتطلع الى علاقات استراتيجية مع سورية، رداً على القطيعة في زمن النظام السابق وما تلاها خلال مواجهة الارهاب». ونقل بيان حكومي عن المالكي قوله إن «شعب العراق محب ومتعلق بأشقائه واصدقائه وميال بكل مكوناته الى اقامة افضل العلاقات مع سورية في جميع المجالات»، كما اكد عطري حرص بلاده على «أمن العراق واستقراره ودعمها لجهود الحكومة العراقية وتعزيز مسيرة الوفاق الوطني وتهيئة الظروف المناسبة لانسحاب القوات الاجنبية». عطري دعا ايضا الى «تغيير شامل في العلاقات بين البلدين، ما يؤدي الى توسيع افاقها وتمتين حلقات التعاون في مجالات التجارة والصناعة والنقل والنفط والغاز والكهرباء والثروة المعدنية والسكن وتأسيس المصارف والمجالات الزراعية والصحية واستصلاح الاراضي وكل المجالات، وزيادة التبادل التجاري، وتفعيل مذكرات التفاهم الموقعة بين البلدين وتعزيزها باتفاقات جديدة». إلى ذلك، قال وكيل وزارة الخارجية العراقية لبيد عباوي ل «الحياة» إن «اللجنة العليا بحثت في كل الملفات السياسية والاقتصادية والأمنية»، مشيراً إلى انها «ستواصل اعمالها اليوم باجتماعات ثنائية بين الوزارات المتناظرة». واضاف ان «رئيس الوزراء السوري اصطحب معه 12 وزيراً بينهم وزراء المالية والداخلية والنفط والري والاقتصاد والصحة والنقل والصناعة والكهرباء والإسكان، فضلاً عن عدد كبير من الخبراء والفنيين العاملين في الوزارات المختلفة والذين سيبحثون مع نظرائهم العراقيين في آليات تفعيل التعاونبين البلدين». وتابع ان «العراق سيفعّل الاتفاق الامني الموقع مع الجانب السوري قبل عامين»، وعن التعاون النفطي، اوضح ان «العراق يريد زيادة صادراته النفطية من خلال اعادة الضخ عبر الموانئ السورية الذي توقف خلال الحرب العراقية - الايرانية عام 1980»، موضحاً ان «هناك شبه اتفاق بين الجانبين على اعادة تأهيل الانابيب التي توصل النفط الخام الى ميناء بانياس». ويعد افتتاح انبوب النفط العراقي السوري (كركوك - بانياس) مدخلاً رئيسياً للعلاقات بين الجانبين وسبق للحكومة السورية ان قدمت عروضا في هذا الشأن منذ عام 2003. وكانت العلاقات الديبلوماسية انقطعت بين البلدين قبل 28 عاماً بسبب التنافس على زعامة حزب البعث ووقوف سورية الى جانب ايران في حرب الخليج الأولى، لكن البلدين اتفقا على اعادة العلاقات رسمياً عام 2006. وقال عباوي إن «الجانبين سيوقعان إتفاقات وبروتوكولات لتدعيم التعاون في المجالات المالية والتجارية بين البلدين وانشاء سوق حرة في المنطقة الحدودية، اضافة الى توقيع محضر اجتماعات اللجنة العليا المشتركة». وقال سياسيون عراقيون إن تطبيع العلاقات العراقية - السورية وتوقيع اتفاقات استراتيجية يغلب عليها الجانب الأمني والاقتصادي يتم على وفق تحرك العراق لعقد مثل هذه الاتفاقات مع جواره الاقليمي تمهيداً للانسحاب الأميركي عام 2011. وكانت بغداد وقعت اتفاقات مع ايران وتركيا والاردن، ويعتقد ان الخلافات حول قضايا الديون وتعويضات حرب الخليج تحول حتى الآن دون توقيع اتفاق مشابه مع الكويت التي سيزورها المالكي، على ما قالت مصادر حكومية.