بيديها المليئتين بتجاعيد الشيخوخة، الواضح عليهما تغيرات الزمن وتبدّل الأحوال، تربط فضة الحازمي سعف النخل ببعضه البعض، لتعيد بحرفتها وسط خيمة «بارع» المليئة بالمنتجات الحرفية والزوّار الأجانب وهج حرفتها التي غابت عن الزمن الحالي، معلنة التحدي على تغيرات الحال بالبقاء والصمود حتى الرمق الأخير من حياتها. وتؤكد الحازمي، البالغة من العمر 88 عاماً، صمودها بإنتاج السلال المصنوعة من سعف النخل بأصابعها، وكذلك السُفر والمراوح القديمة! إن حياة الأجداد، والتراث القديم لن تغلبها وسائل التقنية بهذه السهولة، حتى وإن انتشل الموت عدداً منهم، إلا أن المهمة لم تنته بوجود أحد أبناء الجيل القديم منهم على قيد الحياة. 78 عاماً منذ أن عملت فضة الحازمي، القادمة من ينبع النخل (غرب السعودية)، في صناعة السلال وصياغة سعف النخيل منتجات عدة، كفيلة تلك الأعوام بأن تكون حافلة بالعطاء وكذلك الاكتفاء، أو الاستسلام للثورة الصناعية التي جلبتها التقنية، إلا أن رسالتها تكمن في المحافظة على هوية الأجداد وسيرتهم، وتمثيلها في كل محفل حفظاً لهم من الاندثار، وتسليم الراية إلى الجيل الشاب، على حد قولها. وبلا كلل أو ملل، تحضر فضة في كل مناسبة أو محفل يتاح لها المشاركة فيه، لإظهار ما صنعته يداها، وتعرض منتجاتها على الزوار والمشترين، وكذلك تصنع السلال أمام أعينهم لحثهم على التعلم، والاستمتاع بمشاهدة صنيعها. تقول: «إن الدعم الأول الذي يجب أن نلقاه هو من أنفسنا، وذلك بعدم الخضوع للكسل، والخنوع والاستسلام للمتغيرات والتقنية التي تريد أن تنهي حياة الآباء والأجداد، وتضيع الهوية أمام تلك الوسائل، وأسهم البرنامج الوطني للحرف والصناعات اليدوية «بارع»، بشكل كبير في دعم الحرفيين، وتسهيل المشاركة بمنتجاتهم في المعارض والمناسبات». ودعت الحازمي الشركات والمؤسسات الخاصة، وكذلك الجهات الحكومية، إلى توفير التسهيلات كافة للحرفيين، ودعمهم بشكل مباشر في الحفاظ على التراث لكل منطقة، مؤكدة أن ذلك حفاظ على الهوية من الضياع، وعلى الحرف من الاندثار، وتشجيع للحرفيين للاستمرار في عملهم. وتبيّن أن أسعار المنتجات اليدوية التراثية أرخص بكثير من المنتجات المستوردة، وكذلك أجود صناعة، إذ أثبتت كفاءتها في الاستخدام، على رغم مرور عدد من السنوات عليها، مشيرة إلى الأدوات الطبيعية المستخدمة في صناعتها، والتي لها الفضل في جودتها.