بعد شكاوى الآباء المتكررة من ألعاب «البلايستيشن»، ومضارها المتعددة، في السنوات الماضية، جاءت ألعاب موقع التواصل الاجتماعي الشهير «فيس بوك»، لتتسبب في زيادة القلق بين الآباء، نتيجة ما تشهده تلك الألعاب من إقبال شديد، وبخاصة بين فئتي الأطفال والمراهقين. بعد أن نال بعضها شهرة واسعة، مثل لعبة «القطة»، «والمزرعة»، و»المطعم». وتلفت هنادي عبد العزيز، إلى الجانب الإيجابي للعب، المتمثل في «تعليم قيمتي الصبر، والعمل، من أجل توفير حياة كريمة»، لكنها تعرب عن قلقها بسبب «مكوث أطفالي ساعات طويلة على الموقع، وتباريهم في إضافة أكبر عدد ممكن من الأفراد، بغية توفير مستلزمات اللعبة والفوز، ورفع الرصيد الوهمي»، مشيرة إلى إمكانية اللعب مجانياً بنسبة 35 في المئة فقط، وهو ما يحظى بالإقبال، مؤكدة إحجام الكثيرون عن بقية اللعبة، التي تشترط الدفع من طريق ال»pay pal” وغيرها. ويعزو مهدي سالم، قلقه من «الفيس بوك»، إلى كونه «عالماً مجهولاً» بالنسبة إليه، إضافة إلى الخوف من تواصل ابنته البالغة من العمر 13 سنة، وكذلك ابنه (10 سنوات)، مع «أغراب ومجهولين، يحتمل أن يستغلوا براءتهما، وبخاصة مع صعوبة إمكانية المراقبة في جميع الأوقات». واعتبر أنه «من الإيجابي تمكن ابنتي من التواصل مع صديقاتها، والتعاون فيما بينهن في حل الواجبات المدرسية». وتبدو مها خالد، أكثر سيطرة على الوضع، من البقية، إذ تؤكد أن أولادها الثلاثة، الذين تتفاوت أعمارهم بين الخامسة وال12، «يتناوبون على الدخول إلى الموقع واللعب، في أوقات محددة، وضمن ضوابط ومحاذير». لكنها لا تخفي قلقها على ابنها الأكبر (17 سنة)، بسبب «رفضه الجلوس على كمبيوتر المنزل، واللجوء إلى المقاهي مع الأصدقاء». وشددت الاختصاصية الاجتماعية يسرى آل طفيف، على أهمية «توفير الرقابة، بخاصة تجاه المراهقين». وقالت: «إنهم يفتقدون المعرفة العميقة بالحياة والأفراد، ما ينتج عنه حسن الظن في الآخرين»، مشددة على أن «العالم لا يخلو من وحوش بشرية، ومنحرفين، يستغلون الأطفال، وبعض الكبار أيضاً». وأيدت مخاوف الآباء، ودعتهم إلى «عدم منع الأطفال من التواصل مع العالم الخارجي، وحرمانهم من مواكبة تطورات العصر»، مؤكدة على ضرورة «غرس القيم منذ الطفولة، لتتحول إلى قناعات داخلية، تتيح للأطفال إمكانية أن يصبحوا قيميين على سلوكياتهم»، منوهة إلى وجود برامج حماية للكمبيوتر، «تحدد عدد ونوع المواقع التي يمكن دخولها»، داعية الأهل إلى «الدخول ضمن قائمة أصدقاء أولادهم، لضمان سلامتهم»، محذرة من وضع الطفل «معلومات شخصية، يسهل بواسطتها ابتزازه». بدوره، حذر الاختصاصي النفسي أحمد آل سعيد، من «غياب الرقابة على الأبناء في علاقتهم بوسائل التقنية كافة». ودعا الأهل إلى «اللجوء إلى مختصين، لوضع برامج حماية ورقابة». كما دعا إلى «الاستعانة بأجهزة الأمن، في حال حوادث استغلال للأطفال والقصر»، مؤكداً أحقية «الآباء في هذه المخاوف». واعتبر عدم معرفتهم بالتقنية، «سبباًَ رئيساً في تفاقمها». ولفتت اختصاصية الصحة العامة فاطمة العوامي، إلى المشاكل الصحية الناجمة عن الجلوس الطويل أمام شاشات الكمبيوتر، ومنها «آلام الظهر، والصداع، والسمنة بسبب قلة الحركة». وطالبت الأهل ب «تحديد فترات للجلوس أمام الشاشة، بمدة لا تتجاوز نصف ساعة يومياً، تتخللها أوقات لممارسة الرياضة».