«ماذا يفعلون إذا سجنت؟» هذا هو السؤال الذي يطرحه أبو وحيد على نفسه كل لحظة. العوز والعيش في الظلام على رغم قسوتهما، الأسرة أعتادت عليهما، لكن حل ضيف ثقيل اسمه «الخوف»، والأسرة تنتظر الأسوأ وهو «السجن». أما الحزن والبؤس فلم ينفك يشارك الأسرة في كل شيء، بدءاً من لقمة العيش الجافة، ونهاية بغرفهم الخالية من الأثاث. أبناء «أبو وحيد» الستة يشعرون بالخوف وعدم الأمان حينما يحرمون من والدهم، لعجزه عن دفع دية قيمتها 100 ألف ريال، وهو معرض لدخول السجن في أية لحظة، إذ يحلمون بكوابيس تفزعهم من نومهم على مصيرهم المجهول الذي ينتظرهم وهم لا يعلمون هل يبقى والدهم معهم أو سيكون خلف القضبان. ويقول أبو وحيد: «بعد الحادث تغيرت مجريات حياتي وتراكمت عليّ الضغوطات من كل اتجاه، منها إيجار الشقة وكذلك أوضاع أبنائي، إذ أصبحت سيئة وحرموا من الدراسة وأصبحنا نعيش في ظلام بعد انقطاع الكهرباء». وتابع: «لا أعلم ماذا ينتظرني، كنت أقود سيارتي ومعي خمسة أشخاص أركبتهم من الرياض إلى خميس مشيط بسيارتي التي كنت أستخدمها كي أؤمن مصروف حياتنا اليومية، فهي مهنتي الوحيدة، فأنا أعمل على نقل الركاب على الطرق الطويلة»، مؤكداً أنه تعرض ومن معه لحادثة شنيعة أدى إلى وفاة أحد الركاب وإصابة الأربعة المتبقين، إضافة إلى إصابته هو أيضاً. ألزم أبو وحيد بعلاج المصابين على نفقته الخاصة مع تعويضهم مادياً، «ما جعلنا نبيع جميع أثاث المنزل، أما في شأن أهل الرجل المتوفى فقد طالبو بدفع دية قدرها 100 ألف ريال». br / المعاناة الجديدة ل«أبو وحيد» هي إصابته في العمود الفقري، ما جعل حركته بطيئة جداً، إضافة إلى ما يقاسيه من آلام مبرحة تحرمه النوم. وما يستغربه أبو وحيد «رفض الضمان الاجتماعي مساعدتي لأني أبلغ من العمر 47 عاماً»، موضحاً بأنه اتجه إلى الجمعيات إلا أنها رفضت مساعدته أيضاً، «لم يقم بدعمي إلا مدير مدرسة أبنائي وإمام الجامع في الحي الذي نعيش فيه. لم يتمالك أبو وحيد نفسه وهو يسرد مأساته وأسرته ل«الحياة»، إذ أجهش بالبكاء ثم تساءل: «ما هو شعور أي أب يصبح عاجزاً عن العمل وعن توفير لقمة العيش لأبنائه وعدم استطاعته الأخذ بأيديهم؟» مستدركا: «ادعو الله أن يفرجها وأطلب من الله أن يبعدني عن التسول، فأنا لا أبحث إلا عن الستر وتحقيق حلم أبنائي بمواصلة دراستهم».