يعيش قطاع بيع أجهزة الاتصالات في السعودية أوضاعاً سيئة بفعل العشوائية وعمليات الغش، والتلاعب بالضمانات وتقليد الأجهزة المعروفة ورفع الأسعار مقارنة بأسعار أسواق الدول المجاورة. ويجد متخصصون صعوبة في تحديد حجم سوق أجهزة الهواتف وملحقاتها في السعودية، معتبرين أن أية تقديرات لحجم القطاع تعتبر غير دقيقة لسهولة دخول الكثير من الأجهزة المقلدة وعدم وجود إحصاءات دقيقة لها. وقال المتخصص في شؤون المستهلك عبدالعزيز الخضيري إن ما تعيشه أسواق الاتصالات في المملكة يعتبر امتداداً لفوضى يعيشها قطاع الاتصالات بصفة عامة، ومن أهمها عمليات الاحتكار والتلاعب في سوق تعتبر الأهم للمستهلك، مؤكداً أن العاملين في هذا القطاع يدركون سهولة التلاعب لضعف الرقابة من جهة وعدم قدرة المستهلك على الاستغناء عن أجهزة المحمول وخصوصاً الأجهزة الذكية لإرتباطها بشؤون حياته من جهة أخرى. وأكد الخضيري أن سوق المملكة التي تعد إحدى أكبر أسواق المنطقة في هذا القطاع ما زالت لا تمتلك رقابة وتنظيماً يوازي قوة السوق وملاءتة المالية الجيدة، إضافة إلى عدم قدرة العملاء على التعامل مع تلك العمالة المتستر عليها في حالات الغش. وطالب بتحرك وزارة التجارة ومصلحة الجمارك من خلال تكثيف الرقابة على الأسواق ومتابعة المنافذ الحدودية وفحص كل واردات الأجهزة وملحقاتها، وخصوصاً الواردة من بعض الدول الخليجية، كون بعض موانئها لم تخضع بعد للاتفاق الجمركي الخليجي الموحد، مضيفاً: «القضية كبيرة وفيها ما فيها من هدر مالي وتعزيز للغش التجاري». وتساءل الخضيري عن دور الوكلاء التجاريين في ملاحقة مقلدي الأجهزة ومخاطبتهم لوزارة التجارة، وكذلك مدى الالتزام بالضمان الذي يقدمونه على الأجهزة وضرورة معاملته معاملة الشيك النقدي كون الأجهزة تعتبر من السلع المعمرة والثمينة. بدوره، أوضح مدير الشؤون القانونية بشركة حاسبات العرب مساعد الرشيد، أن الأجهزة المقلدة في السوق موجودة، ولكن بكميات قليلة وخصوصاً الشهيرة منها، مؤكداً صعوبة اصطياد تلك الأجهزة مالم يتم تكثيف الرقابة. وأضاف: «إذا كانت الأفياش الأميركية الثنائية المعروفة تغرق السوق وهي شيء واضح ولا يحتاج لأية خبرة لاكتشافه، فما بالنا بالأجهزة الاحترافية التي يصعب اكتشافها!». وأكد الرشيد أن الموزعين المعتمدين لايمكن أن يغامروا بسمعتهم في تسويق منتجات مقلدة، ولكن أمام منافذ البيع الكثيرة والعشوائية في السوق قد تكون أرضاً خصبة لبيع تلك الأجهزة. وحول قيام الوكلاء بعمل دراسات لكشف الأجهزة المقلدة في السوق وأعدادها، قال الرشيد: «الأعداد في السوق السعودية ليست بالكبيرة وقد لاتتجاوز واحداً في المئة بالنسبة للأجهزة الذكية، والشركات المصنعة لا تتعاون، لأنها لم تلمس كميات كبيرة تغرق الأسواق العالمية، ولكن مع مرور الوقت ستشرع بالتحرك متى ما لمست ازدياداً في عمليات التقليد». من جهته، لفت الاقتصادي عبدالله العتيبي إلى حجم الخطر الذي يحيق بالاقتصاد السعودي من حجم التلاعب الذي يعيشه هذا القطاع، مضيفاً: «من المهم أن نعلم أن أية دراسات تشير لحجم هذا القطاع والتي تقول أنه يراوح بين 20 و22 بليون ريال قاصرة وليست صحيحة، لأن حجم المخالفين في السوق والمتلاعبين كبير جداً، وعمليات التدوير في بيع الأجهزة لا يمكن إحصاؤها، وبالتالي من الصعب على أية دراسة أن تحصي حجم هذا القطاع والذي أتوقع أن يفوق بمرات عدة حجم الأرقام المعلن عنها». وأوضح أنه على رغم ما وفرته هذه الأسواق من فرص عمل للسعوديين تقدر بالآلاف بعد حملات الجهات الحكومية ووزارة العمل ضد المخالفين، إلا أنهم لم يتمكنوا من إثبات أنفسهم لنقص أدواتهم التجارية وضعف الخبرة وسيطرة العمالة من جنسيات معينة على هذه الأسواق وقدرتها على تهميشهم للحفاظ على السوق، مطالباً بدعم الشباب السعودي من قروض وتدريب قبل وضعهم في السوق من دون خبرة تجارية، وبالتالي حدوث ثغرة في السوق تسهم في الأساس بدعم العمالة الأجنبية المتستر عليها. وتطرق مستثمر بقطاع أجهزة الجوال عبدالعزيز الناصر إلى عمليات الغش والتلاعب بالأسعار، وقال إنهما مسيطران على قطاع بيع الأجهزة في المملكة، معتبراً أن أساليب الغش لدى العاملين بهذا القطاع عدة منها تجديد الأجهزة وبيعها على أساس أنها جديدة وكذلك التحكم في أسعار الأجهزة المستعملة والتلاعب بمواصفاتها. ولفت الناصر إلى ما تعيشه السوق من عشوائية عبر السماح بكثرة افتتاح الأسواق المركزية للاتصالات والترخيص للمحال المنتشرة وبعضها تحمل رخص بيع الجوالات، ولكنها تبيع أشياء أخرى مثل الصحون اللاقطة وكروت القنوات المشفرة، مروراً بإكسسوارات الهواتف المقلدة، مضيفاً: «الدور الأكبر هنا يقع على عاتق الجمارك والهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس بأهمية التدقيق ووضع مواصفات دقيقة ومواكبة لسرعة تغير تقنيات الهواتف المحمولة». واعتبر أن ربح هذه المحال وكذلك تجار الجملة يتركز في بيع الإكسسوارات وأجهزة الشحن، وفي الغالب تكون من النوعية الرديئة ولا تجاوز كلفتها سوى أجزاء من الريال وتباع في المقابل بعشرات الريالات، إضافة إلى بيعها بأضعاف مضاعفة، فإنها رديئة للغاية وأصبحنا نسمع كثيراً عن عمليات احتراق الأجهزة بسبب رداءة الشواحن أو احتراق الأسلاك، ومع ذلك لا نشاهد عمليات توعية ومصادرة على رغم أن مراكز البيع بالجملة معروفة وتبيع بضائعها الرديئة والمقلدة بشكل علني من دون أي خوف من جهاز رقابي». وطالب الناصر بتقنين هذه المراكز لزيادتها عن حاجة السوق، واستغلال العمالة لها مع ضعف الرقابة بالانتشار والتخفي بالتنقل الدائم، موضحاً أن «العشوائية في هذه المحال ظاهرة للعيان، بداية من تحميل البرامج غير المرخصة أو بيع الجوالات المستعملة بأسعار مرتفعة والتلاعب بها لإظهار أنه بصورة جيدة، إضافة إلى التزوير في عمليات الضمان بأسماء شركات ومؤسسات وهمية».