للمرة الثالثة يقام في بيروت «مهرجان السينما الإيرانية»، الذي بدأ عروضه الأربعاء الماضي ليختمها غداً السبت» بمعدل فيلمين يومياً طوال أربعة أيام مع فيلم للافتتاح. منذ البداية كان واضحاً بالنسبة الى محبي الأفلام الإيرانية ومتابعي شؤونها وشؤون صانعيها ان عليهم ألا يتوقعوا من برنامج، له صفته الرسمية بعد كل شيء، أن يقدم لهم جديد كياروستامي أو ماخمالباف (محسن وسميرة وهنا)، أو حتى أفلام مجيد مجيدي أو قبادي أو جعفر بناهي... ناهيك عن سينما رخشان بين اعتماد أو تهمينة ميلاني وصولاً الى فيلم فرهادي الذي دار حتى الآن حول العالم بكل نجاح «عن ايللي»... فهذه الأفلام وما يماثلها بالكاد تعرض في إيران. وما يصعب عرضه في ايران يصعب مشاهدته في مهرجان يمت بصلة قوية الى ايران الرسمية. ومن هنا اكتفى الحضور، وهم كثر كالعادة - فللسينما الإيرانية مكانتها مهما كان من شأن ما تعرض من أفلام - اكتفوا، ويكتفون اليوم وغداً، بعدد من الشرائط المرضي عنها لمخرجين مرضي عنهم، ليسوا من النوع الذي يمكن ان يوقع عرائض لمصلحة المتظاهرين المقموعين. كل هذا منطقي ومشروع ضمن إطار الظروف التي يقام فيها هذا المهرجان البيروتي. غير أن للمسألة جانباً آخر، إيجابياً في نهاية المطاف. فإذا كان في وسع متابعي السينما الإيرانية أن يشاهدوا الأعمال الكبيرة، للمخرجين الذين أشرنا اليهم أعلاه، في المهرجانات العالمية والعروض التلفزيونية وفي مناسبات مختلفة أخرى، ما يعطي هؤلاء المتابعين امتيازاً لا يتمتع به المتفرجون الإيرانيون أنفسهم في أكثر الأحيان، فإن الفرصة البيروتية تبدو سانحة لمشاهدة أفلام لا يعرف عنها العالم الخارجي أموراً كثيرة، حيث تعرف أن ما يعرض على الجمهور الإيراني العريض، ومنه الأفلام الثمانية المعروضة الآن في بيروت، يندر له أن يعرض في الخارج، ليس بأمر السلطات السينمائية - التي هي في نهاية الأمر سلطات سياسية - بل لأنها أفلام لا تهم الجمهور السينمائي الحقيقي. فهي أفلام امتثالية تقليدية، وربما أحياناً دينية وعاطفية، جماهيرية. وإذ نقول هذا تقتضي منا وقفة إنصاف ان نقول أخيراً إن معظم هذه الأفلام، وعلى رغم قساوتها مع منطق النظام، تظل أفضل من بعض أفضل ما يحقق في دول كثيرة أخرى. أوليس في هذا أيضاً جزء من معجزة السينما؟