تكثف أنقرة يومياً تعزيزاتها على الحدود السورية جنوباً تمهيداً لعملية عسكرية يُخطط لها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لإنشاء منطقة عازلة داخل الأراضي السورية. ودفع أردوغان ب «أوثق معاونيه»، وهو وجدي غونول، لتولي حقيبة الدفاع، بعد فوز وزير الدفاع السابق عصمت يلماز برئاسة البرلمان في انتخابات الأسبوع الماضي. وسبق لوجدي غونول أن استلم حقيبة الدفاع في حكومة أردوغان، وهو كاتم أسراره وأشد المقربين إليه. وأتى اختياره بالتنسيق مع رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو، الذي وافق على التعيين على رغم أن غونول ليس نائباً في البرلمان. ورأى مراقبون أن تعيين غونول يزيد الضغط على قائد الأركان الجنرال نجدت أوزال لتنفيذ خطة التوغل في الأراضي السورية التي تتطلب بنظر القيادة العسكرية وجود حكومة تتمتع بغالبية في البرلمان. في غضون ذلك، أرسل الجيش إلى الحدود التركية - السورية فرقة من قوات النخبة مشكلة من جنود محترفين لا تتم الاستعانة بهم إلا في مهمات خاصة وصعبة. وتحشد تركيا حالياً نحو نصف قواتها البرية على طول الحدود مع سورية، لكن التركيز بدأ على المنطقة القريبة من جرابلس غرب نهر الفرات، وصولاً الى معبر كيليس، حيث يخطط الجيش لإقامة منطقة عازلة بطول 110 كيلومترات وعمق 30 كيلومتراً. ولا تزال أحزاب المعارضة ترفض هذا السيناريو وتتمنى أن يكون مجرد تحذير عسكري تركي لردع مسلحي «الكردستاني» أو «داعش» من دخول المنطقة التي تعتبر خطاً أحمر تركياً. ورأى محللون عسكريون أتراك أن موازين القوى السياسية في أنقرة غير مهيأة بعد لهذه «المغامرة العسكرية»، وأن الأمر غير ملح طالما أن «داعش» أو «القوات الكردية» لم تعبر مارع غرباً ولم تقطع طرق الإمداد بين تركيا ومسلحي «جيش الفتح» و «النصرة» و «الجيش الحر» الذين يقاتلون في حلب وإدلب وجسر الشغور. لكن الجيش التركي قد يضطر للتدخل في حال تحرك الأكراد أو «داعش» للسيطرة على تلك المنطقة، لأن أنقرة لن تتخلى عن قوات المعارضة السورية التي تقاتل هناك، باعتبارها آخر أوراق القوة المتبقية بيدها في ما يتعلق بالملف السوري. واعتبر المحللون أن التسريب المتعمد لأخبار وخطط العملية العسكرية، الهدف منه هو عملية «ردع» إعلامية لثني الأكراد أو «داعش» عن التقدم، ولئلا تضطر تركيا إلى تنفيذ تلك الخطوة بما لها من تداعيات إقليمية، خصوصاً مع تردد واشنطن في دعمها. لكن يبدو أن أردوغان مستفيد من جو قرع طبول الحرب في السياسة الداخلية، من أجل فرض شروطه على أي حكومة ائتلافية، بحجة أن البلاد تمر ب «أجواء حرب». ولم تمنع هذه الأجواء الرئيس التركي من مواصلة تأمين كل أسباب الرفاهية الشخصية له، إذ افتتح أمس، مسجداً عملاقاً بني داخل قصره الرئاسي الفخم والمثير للجدل في أنقرة. وأطلق على المسجد الذي له أربع مآذن وتبلغ مساحته 5175 متراً مربعاً، اسم «مسجد شعب بيستيب»، وهو الحي الذي بني فيه مقر الرئاسة في ضواحي العاصمة. وحضر الافتتاح داود أوغلو ووزير الأوقاف محمد غورماز وعدد من المسؤولين. وأوضح أردوغان أن المبنى كان نتيجة «دمج بين الهندستين المعماريتين العثمانية والسلجوقية»، تماماً كبقية أنحاء القصر.