يندد المحافظون الأندونيسيون برقصة جايبونغ المحلية، ويصفونها بالإباحة، ويأخذون على راقصاتها عري سواعدهن، وإثارة حركات الأوراك. وندد حاكم ولاية جاوا الغربية، أحمد هيرياوان، بالرقصة التقليدية التي تؤدى في الأعياد والأمسيات، واقتبسها الأندونيسيون من فنون القتال المحلية، ورقصة «هزّ البطن» التركية، ومن رسوم الحركات التايلندية. ونصح نائب حزب العدالة والازدهار الإسلامي راقصات الجايبونغ بالاعتدال في أداء الإيماءات الموحية، وتغطية سواعدهن. وحملت التصريحات هذه على الابتسام، قبل أن تبعث الوسط الفني على الضيق والبرم. فإثارة المسألة قرينة على تفاقم الخلافات في بلد تتجاذبه نزعات أخلاقية متضاربة، ويتعاظم دور الإسلاميين المتشددين فيه. والمجتمع الأندونيسي متعدد الأقوام والاثنيات والديانات، وغالبيته الراجحة من المسلمين. وهو عرف بتقاليده المتسامحة والمنفتحة. ويتصدى المحافظون المتشددون للتقاليد هذه، ويمتحنون المظاهر ويزنونها بميزان صارم. وفي معرض النهج هذا، تحفظوا عن مزاولة اليوغا، وحكموا بانحرافها عن الاستقامة. وحيث قدروا، اتخذوا إجراءات صارمة. وبدعوا فرقة الأحمدية. وهاجوا وماجوا رداً على أداء الراقصة إينول، وتحريكها ردفيها ووركيها. وتظاهروا إنكاراً لطباعة مجلة «بلاي بوي» في طبعة محلية. وألبوا الجمهور في سبيل سن قانون يراقب الإباحة في الحياة العامة. ويعاقب القانون، وهو أقر في أواخر 2008، الصور والمشاهد والأفعال الموصوفة بالإباحة ومنافاة التهذيب والأخلاق. وتذرّع حزب العدالة والازدهار بالقانون الجديد في انتقاده رقصة الجايبونغ. ويتوقع زعيم الحزب، تيفاتول سيمبيرينغ، أن يؤدي العمل بالقانون كاملاً الى إلغاء الرقصة المثيرة وإطراحها. والقانون هذا، على النحو الذي تعاورته تعديلات الجمعية التشريعية، مشرَّع على تأويلات وتفسيرات لا قيد عليها. وهو يجرم العلاقات الجنسية «المنحرفة»، ويعاقب امتلاك مادة إباحية وتوزيعها. وتعريف الإباحي والمثير يتناول ما يتصل بالعري والمضاجعة من قريب أو بعيد، صورة أو حركة أو كلاماً وكتابة. ويدعو القانون الى الوشاية والنميمة. وأثار إقراره حفيظة المسلمين المعتدلين. وأعلنت مناطق غالبية أهاليها هندوسية أو مسيحية أنها لن تلتزم تطبيق القانون. ويقول نائب جاوا الشرقية أن الناس في دائرته اعتادوا الاستحمام من غير ثياب منذ القدم، فكيف يطلب إليهم اليوم العودة عن عاداتهم القديمة هذه. وتخشى المحامية نورصياهباني كاتجاسونغكانا، من حزب اليقظة الوطني، التذرع بالقانون الجديد الى انتهاك حقوق الإنسان، والنساء على وجه الخصوص، ويتحفظ ماسيكوري عبدالله، نائب رئيس جمعية «نهضة الأمة»، إحدى المنظمات الإسلامية الكبيرة، عن رأي المحامية. ويذهب الى أن حقوق الإنسان قد تعني بأندونيسيا غير ما تعنيه ببلدان أخرى، ويذكِّر بأن القانون غرضه حماية النساء والأولاد من آثار الصور والمشاهد الإباحية. وتندد دامايريا باكباهان، المساعدة والخبيرة الاجتماعية، بتناول النساء وكأنهن قاصرات الفهم والعقل. وتعزو ذلك الى نزعة «متشددة وعربية» تغلب على بعض الأوساط الأندونيسية. وهي تدعو، مع جماعات أخرى كثيرة، الى إلغاء القانون. * مراسل الصحيفة بأندونيسيا، عن «ليبراسيون» الفرنسية، 12/4/2009، إعداد وضاح شرارة