بدأت في بوروندي أمس، المرحلة الأولى من الانتخابات الاشتراعية والبلدية في أجواء من التوتر تخللتها أعمال عنف. وأشار ديبوماسيون الى إقبال ضعيف على مراكز الاقتراع الذي تمسكت السلطات بإجرائه رغم الضغوط الدولية الناتجة من الاحتجاجات المستمرة منذ شهرين ضد ترشح الرئيس بيار نكورونزيزا لولاية ثالثة في انتخابات 15 تموز (يوليو) المقبل. ومن آخر علامات العزلة المتنامية لمعسكر الرئيس انشقاق رئيس الجمعية الوطنية بي نتافوهانيما الذي لجأ الى بروكسيل، ودعا نكورونزيزا الى التخلي عن مشروع الترشح لولاية رئاسية ثالثة. وسبق ذلك انشقاق النائب الثاني للرئيس جيرفي روفييكيري، وهو معارض للترشح داخل حزب الرئيس. وأعلنت المعارضة انها لن تشارك في «انتخابات زائفة»، ودعت المجتمع المدني الى مقاطعتها في ظل «مناخ سياسي وأمني لا يسمح بتنظيم اقتراع حر وشفاف»، خصوصاً ان أكثر من 125 ألف شخص، أو أكثر من واحد في المئة من السكان وعددهم 10 ملايين هربوا عبر الحدود. لكن رئيس اللجنة الانتخابية بيار كلافر ندايكاريي قال انه لم يتلقَ «أي وثيقة رسمية» من تشكيلات معنية، تؤكد انسحابها من الاقتراع. وتابع: «ليست المقاطعة امراً جديداً في بوروندي. انها طريقة اخرى لممارسة السياسة»، علماً ان المعارضة انسحبت من العملية الانتخابية في 2010، وهو ما اقصاها من المشهد السياسي لمدة خمس سنوات واضعفها. وأول من أمس، أكد الاتحاد الأفريقي انه لن يراقب الانتخابات، فيما نددت الأممالمتحدة بمناخ الترهيب والخوف الذي تشيعه «ميليشيا» رابطة شباب الحزب الحاكم، وغياب وسائل إعلام مستقلة بعد تدمير الاذاعات الخاصة اثناء محاولة الانقلاب العسكري الفاشل في منتصف أيار (مايو). وفرّ صحافيون كثيرون في هذه القنوات من البلاد، او يعيشون متخفين ويقولون انهم مهددون. اما الاتحاد الأوروبي، وهو أحد المانحين الرئيسيين لروندا فهدد بحجب مزيد من التمويل عن الدولة التي تعتمد على مساعدات. وقبل ساعات من الاقتراع، سمعت أصوات طلقات مجهولة المصدر ليلاً في العاصمة بوجومبورا، وهو ما يحدث منذ اسابيع. وصباحاً أعلن ناطق باسم الرئاسة ان عملية الاقتراع تمضي بسلاسة، ولا يجب ان تحكم دول أفريقية وأوروبية على العملية قبل اكتمالها. وقد دُعي حوالى 3.8 مليون ناخب لاختيار مئة نائب في البرلمان يُضاف اليهم ثلاثة اعضاء من اتنية توا القليلة العدد (1 في المئة من السكان) اضافة، عند الاقتضاء، الى نواب يختارون من اللوائح المتنافسة بما يضمن التوازن المنصوص عليه في الدستور. ويجب ان تضم الجمعية الوطنية نسبة 60 في المئة من اتنية الهوتو التي تشكل نحو 85 في المئة من السكان و40 في المئة من اتنية التوتسي التي تمثل نحو 15 في المئة من السكان، و30 في المئة من النساء. وهذه التوازنات كرسها اتفاق «اروشا» الذي فتح توقيعه عام 2000 المجال امام نهاية الحرب الأهلية التي تواجه فيها بين 1993 و2006 الجيش الذي تهيمن عليه نخبة من التوتسي ومتمردين من الهوتو. وأتاحت هذه التوازنات عشرة اعوام من السلام في بوروندي، لكن المراقبين يخشون ان تؤدي الأزمة الحالية الى عودة العنف على نطاق واسع.