توزيع الوجبات، سقي الماء، مساندة المعتمرين، إرشاد التائهين، كسوة المتعففين، مشاريع «السفر الممتدة» في رمضان، تنظيم المرور، حمل الأطفال، إسعاف المرضى والمصابين وغير ذلك من التقدمات يقف خلفها أشخاص طوّعوا أنفسهم لخدمة غيرهم بلا مقابل. يتيم رأى في أحدهم أباً، وعجوز وجد فيهم سنداً... شباب اتخذوا من منهج «التطوع» طريقاً يستشعرون عبره روح التعاون مع الآخرين إضافة إلى قضاء أوقات فراغهم بما يغذي قيمة العطاء بلا مردود يُنتظر. وتتكاتف مدن المملكة من شمالها إلى جنوبها بمبادرات تعظّم قدسية شهر رمضان الكريم في إيضاح مدى أهمية التعاون وتعريف مجتمعات الشباب بدورهم الضروري، ففي مدينة حفر الباطن (شمال شرق السعودية) يقدم الشباب قيمة إنسانية في مشروع «سفرة ممتدة»، وهي أن تكون سفرة الطعام في البيت هي سفرة الموائد في المخيمات والجوامع، ومن حق المستفيد البسيط أن يشاركهم تنوع الأصناف على مائدته، وتمتلئ مساجد المنطقة الشرقية في كافة مدنها بأعمال الخير وفتح أبواب المساعدة على مصراعيها في كل مجال واحتياج. وشمل التطوع التخصصات كافة، فالمهم أن يشارك كلٌّ بخبرته ومجاله، كما في «التطوع الإسعافي» في المسجد النبوي، حيث المساعدة في تطبيب المرضى ومشاركة الأطباء والممرضين من الشباب المؤهلين لخدمة الزوار والمصلين في المسجد الحرام، والتي تمتد طوال العام ولكنها تبلغ ذروتها في شهر رمضان. وينشط فريق «سفراء التطوع» في جدة بأعضائه الشباب في تقديم السلال الغذائية وتوفير الكسوة لمحتاجيها، وإيصالها لمستحقيها في الأحياء النائية والفقيرة، بالإضافة إلى إقامة وجبات العشاء ودعوة في أماكن التجمعات والدعوة إليها. ويزدان الحرم المكي الشريف بالشباب المتطوعين فتجدهم في كل زاوية من زواياه. يبادرون ويلبون ويعرضون مساعدتهم على زوار الحرم المكي سعداء بخدمة المعتمرين القادمين من كل أنحاء العالم. ومنهم من يساعد كبار السن على الطواف بتوفير عربات لهم، وآخرون يقدمون الماء والزاد للعطشى والجائعين، فيما آخرون يوصلون التائهين إلى أماكنهم بالإضافة إلى خدمة إسعافات الهلال الأحمر. كما يشد انتباه الزائر عبارة «شباب مكة في خدمتك» التي يرتديها متطوعو الحرم خلال هذا الشهر. ويتم تقسيم العمل بين 600 شاب في مجموعة شباب مكة في كل ما يحتاج إليه زوار الحرم، ابتداء من تنظيم مواقف السيارات ومساندة المرور وتنظيم حركة السير في المواقف إلى تطوعهم داخل الحرم من تطويف كبار السن والعجزة وأصحاب الاحتياجات الخاصة بدفع عرباتهم مجاناً والتوعية في فسح الطرق ومنع التكدس والزحام متناوبين على مدار 24 ساعة يومياً طوال رمضان. يقول يزيد داغستاني (25 عاماً) أن فرصة خدمة ضيوف الرحمن «هي المعنى الحقيقي للعمل التطوعي وأنا أنظر إلى المعتمرين كضيوف ومن واجبنا إكرامهم». ويضيف عبدالله الزهراني أحد المتطوعين في برنامج شباب مكة والذي خصص وقته للتوعية:» على رغم حرارة الجو والازدحام إلا أن هناك متعة كبيرة في إرشاد الناس وإيصالهم ومساعدة كبيرهم وإعطاء صغيرهم ما يسكت بكاؤه». ويحاول المتطوعون على منع ظاهرة الافتراش والجلوس في الطرق المؤدية للحرم وتعمل مجموعات أخرى على إسعاف المصابين بمشاركة طلاب كلية الطب والتعاون مع الهلال الأحمر. يُذكر أن برنامج شباب في مكة قدم خدماته خلال 10 سنوات ماضية في العديد من البرامج وتجاوز عدد المستفيدين منه 7 ملايين مستفيد. ولم يقتصر العمل التطوعي على المسجد الحرام والمساجد فقط بل تجاوزها ليصل إلى كل حي وشارع، ومع كل حادث وقضية تتأجج روح المشاركة من الشباب كما حدث قبل رمضان في نشاطهم في تغطية الحفر وفتحات المجاري على الطرق العامة والفرعية والتعاون مع الدفاع المدني في الإبلاغ عنها.