اختتم رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري زيارته تركيا على رأس وفد حكومي رفيع، بتأكيد «تصميم حكومته على مواجهة التحديات الكبيرة التي تواجه لبنان في مجالات البنية التحتية والاتصالات والطاقة والبيئة وغيرها»، مذكراً بالبيان الوزاري «الذي أيدته كل الأحزاب في لبنان». وخلال مأدبة الغداء التكريمية التي اقامها مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية ومجلس الاعمال التركي - اللبناني في فندق «فور سيزنز» في اسطنبول على شرف رئيس الحكومة اللبنانية وأعضاء الوفد المرافق، وحضرها حشد من رجال الاعمال اللبنانيين والاتراك، قال الحريري: «ننوي الآن حشد كل الموارد والطاقات التي نملكها في لبنان، بدعمٍ من أصدقائنا، لوضع لبنان على طريق النمو المستدام»، ووصف خطوة إلغاء تأشيرات الدخول بين لبنان وتركيا ب «المهمة جداً». واستهلت المأدبة بعرض فيلم وثائقي عن تركيا الحديثة والنهضة الاقتصادية والصناعية فيها، ثم تحدث رئيس مجلس الاعمال اللبناني - التركي وجيه البزري عن تأسيس المجلس في العام 2002 «بتشجيع ودعم من الرئيس رفيق الحريري في وقت كان لبنان لا يزال يكافح لاستعادة موقعه الاقتصادي، وذلك لتعزيز الأعمال بين لبنان وتركيا على كل المستويات». ولفت الى «ان حجم الصادرات من تركيا الى لبنان بلغ 590 مليون دولار أميركي حتى تاريخ 30-11-2009، في حين وصلت قيمة الواردات الى 90 مليون دولار أميركي. وتشير هذه الأرقام الى ضرورة استطلاع سبل جديدة لتعزيز التعاون وتسهيل تدفق المنتجات بين لبنان وتركيا في شكل خاص. ونحن نسعى لوضع آلية لهذا التعاون». واعتبر الرئيس المنسق لمجالس الاعمال الشرق اوسطية محمد حباب ان توقيع اتفاق إلغاء تأشيرات الدخول مع تركيا «من شأنه تعزيز العلاقات الثنائية»، وقال: «مع توقيع لبنان وتركيا اتفاق التجارة الحرة بعدما سبق لتركيا ان وقعت اتفاقات مماثلة مع كل من سورية وتونس والمغرب والاردن وفلسطين واسرائيل ومصر، يكون تم تأسيس منطقة التجارة الحرة في منطقة الشرق الأوسط. ومن شأن ذلك زيادة حجم صادرات هذه الدول الى تركيا والاستثمارات التركية اليها». وأثنى وزير البيئة والتحريج التركي فيسيل اروغلو على ما تم انجازه حتى الآن في سبيل تقوية وتوطيد العلاقات بين لبنان وتركيا في مختلف المجالات «ولا سيما الاقتصادية منها». وأمل «رؤية تعاون وثيق اكثر بين لبنان وتركيا، في مجالات عدة منها المياه والبناء والكهرباء والغاز والتجارة وهي مجالات تشكل امكانات ضخمة للتعاون، ورجال الاعمال اللبنانيون باستطاعتهم الاستثمار ايضاً في تركيا، خصوصاً اننا قدمنا لهم تسهيلات كثيرة». واعتبر الحريري في كلمته ان «تركيا ولبنان يمثلان سوقَيِن ناشئين يتمتّعان بقدرات عالية وبقطاع خاص استشرافي. وأعتقد أن لدينا هدفاً مشتركاً، ألا وهو تحقيق الازدهار الاقتصادي في منطقتنا وأنكم – أي القطاع الخاص في كلا البلدين – تمثلان القوة الدافعة وراء هذه الرؤية». وتحدث الحريري عن اقتصاد لبنان الذي «شهد خلال العقدين المنصرمين تغييرات هائلة. ففي أعقاب سنوات الاضطراب، رأى والدي الراحل أن هناك فرصة أمام لبنان لاستعادة دوره الاقتصادي التقليدي، وسعى إلى وضع البلاد مجدداً على الخريطة الاقتصادية للمنطقة والعالم. ونجح إلى حدٍ كبير بفضل قطاعٍ خاص مرن وخلاق في التكيّف مع التغييرات الكثيرة». ورأى ان «على رغم كل نجاحاتنا، لا يزال أمامنا عمل كثير والقدرات أكبر من أي وقت مضى». ودعا رجال الاعمال في القطاع الخاص التركي الى «النظر في الفرص الكبيرة المتاحة في لبنان»، لافتاً الى «أنه لا يمكن القطاع الخاص أن يتقدّم إلا إذا وجدت الحكومات الظروف المناسبة له. إن برنامجي يكمن في إيجاد هذه الظروف، وايجاد بيئة مواتية لتحقيق نمو وازدهار اقتصاديين من خلال التعاون الاقتصادي». وأكد الحريري العزم على «حشد كل الموارد والطاقات التي نملكها في لبنان، بدعمٍ من أصدقائنا، لوضع لبنان على طريق النمو المستدام». وشدد على ان إلغاء تأشيرة الدخول بين لبنان وتركيا «يشكل خطوة ثابتة في اتجاه فتح الآفاق بين بلدينا. وأعرف ان رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان هو من الاشخاص الذين يقومون بتحقيق وإنجاز الامور، وهذا ما ستقوم به حكومتنا ايضاً». وحض رجال الاعمال الأتراك على المجيء الى لبنان «ورؤية هذا البلد واستكشافه، وتلمسوا بأنفسكم ان لبنان ليس كما يحاول البعض اظهاره احياناً. صحيح اننا مررنا بحرب اهلية وبست حروب اخرى، لكن ما زلنا قادرين على النهوض من جديد. اننا شعب يريد ان يعيش وأن يبني بلده، تماماً كما الشعب التركي». وأشار الى ان الغاء تأشيرات الدخول شمل سورية والاردن، «ما يعني اننا افسحنا في المجال امام اكثر من مئة مليون مواطن للتنقل بين هذه البلدان الاربعة من دون تأشيرات دخول، فهل يمكنكم ان تتصوروا اسواق العمل التي ستكون متاحة امام هذه الشعوب؟». ووعد الحريري ب «العمل على انجاز اتفاق التجارة الحرة كما سعى اليه والدي، لأن لدينا النية والعزم على ذلك، ونريد تفعيل التجارة والاعمال بين بلدينا. القطاع الخاص هو المحرك الاساسي لكل بلد، فالحكومات ليست افضل رب عمل، وفرص العمل الاساسية يوفرها القطاع الخاص من خلال الشركات الصغيرة والكبيرة والمتوسطة الحجم». في المقابل، حض رجال الاعمال اللبنانيين «على استكشاف تركيا، هذا البلد الجميل الذي رأينا مدى التقدم الذي حققه بين عامي 2001 و2008، ويجب ان نتعلم مما حصل هنا، كما يجب عليكم ان تتعلموا منا كلبنانيين كيف استطعنا الصمود وتخطي الكثير من المصاعب التي واجهناها». وكان تجمع غرف التجارة والصناعة والبورصات اقام مساء اول من امس في انقرة عشاء تكريمياً على شرف الحريري والوفد المرافق. وجال الحريري والوفد على المعالم الاثرية والسياحية والثقافية والتاريخية في مدينة اسطنبول.