عاشت الكويت أمس يوم حداد شامل مع أجواء استنفار أمني واسع بعد الهجوم الانتحاري الذي تبناه «داعش»، وطاول مسجد «الصادق» وقت صلاة الجمعة، وأدى إلى سقوط 27 قتيلاً و227 جريحاً وفق آخر إحصاء لوزارة الصحة. وأمر أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد بتجهيز طائرة خاصة لنقل جثامين ضحايا الاعتداء إلى مدينة النجف في العراق، لتُدفن هناك وفق التقاليد الشيعية، إذا رغب ذووهم. وأعلن مجلس الوزراء الكويتي «مواجهة شاملة بلا هوادة مع الإرهابيين، دعاة التكفير والضلال». وأكد تنظيم داعش مسؤوليته عن الهجوم الانتحاري، مشيراً إلى أن منفّذه يدعى أبو سليمان. وشهدت العاصمة الكويتية تشييعاً حاشداً لجثامين الضحايا أمس. ( في غضون ذلك، أكدت وزارة الداخلية أن أجهزتها تمكّنت من العثور على السيارة التي أقلّت مُنفّذ الهجوم إلى مسجد الإمام الصادق، واعتقال مالكها، وهي يابانية الصنع، فيما البحث مستمر عن السائق الذي فرّ بها عقب التفجير. ولم تكشف الوزارة عن هوية الإرهابي الانتحاري أو مالك السيارة، في حين نشرت مواقع إلكترونية إخبارية كويتية معلومات عن عمليات دهم واسعة في مناطق جنوب العاصمة وغربها بحثاً عن مشبوهين. وجاء في بيان للحكومة بعد اجتماعها أمس، أن وزير الداخلية الشيخ محمد الخالد قدّم تقريراً عن الحادثة «عرض فيه تفاصيل الانفجار ومجرياته والإجراءات التي اتخذتها الأجهزة الأمنية لكشف ملابساته، وتحديد مرتكبيه والمشاركين فيه والمحرّضين عليه». وأكد أن «جميع رجال وزارة الداخلية وكل الأجهزة الأمنية مستنفرون للذود عن أمن البلاد وتأمين جبهتها الداخلية». كما «عرض الإجراءات الاحترازية الفورية التي اتخذتها وزارة الداخلية بالتنسيق مع الجهات المعنية لحماية دور العبادة والمساجد». وشدد مجلس الوزراء الكويتي على أن «الإرهاب الأسود الذي لا وطن ولا دين له لن ينال من وحدة الشعب وعزيمته، ولن يمسّ ثوابت هذا المجتمع أو وحدته الوطنية، وستظل الكويت واحة أمن وأمان لجميع المقيمين على أرضها». وأكد «اتخاذ كل ما من شأنه اجتثاث هذه الآفة وإعلان المواجهة الشاملة بلا هوادة مع هؤلاء الإرهابيين دعاة التكفير والضلال»، وأنه «لن يقبل أبداً تهديد أمن الكويت وإرهاب أهلها وتعطيل مسيرتها»، و«لن يسمح لبذور الفتنة بأن تنمو في أرضنا الطيبة أو بتضليل الشباب المخلصين، بالأوهام والافتراءات، ولن يتهاون إزاء الانحرافات المهلكة والتجاوزات المدمرة تحت أي مبرر». ووجّه الأجهزة الأمنية لتضرب «بقوة وحزم كل مَنْ تُسوِّل له نفسه محاولة المس بأمن الوطن وسلامة المواطنين والمقيمين». إلى ذلك، شدد الأمين العام المساعد للشؤون الأمنية في الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية العميد هزاع مبارك الهاجري، في تصريح ل«الحياة» على دور التعاون الأمني الخليجي في مواجهة الإرهاب وتنظيماته، مؤكداً استمراريته. وقال: «إن أمن الدول الأعضاء هو المطلب الأساسي، وصيانته والحفاظ عليه هما الهدف الأسمى». وأضاف الهاجري: «إن الإرهاب قضية عالمية مشتركة، وهو بلا موطن، ويتخطى الحدود من دون استئذان، وابتلي به العالم أجمع»، مشدداً على أن «التعاون قائم بين دول المجلس في المجالات كافة، خصوصاً الأمني، من خلال الاتفاق الأمني، واتفاق مكافحة الإرهاب، واستراتيجية التطرف المصحوب بالإرهاب، فأمن الخليج كل لا يتجزأ». يذكر أن الكويت شهدت أمس وليل الجمعة أجواء استنفار شامل، وانتشرت حواجز أمنية، وأوقف كثير من النشاطات الرسمية والأهلية، وانحسرت حركة السير على الطرق خلافاً للعادة في ليالي رمضان. كما خلت المجمّعات التجارية والأسواق من كثيرين من الرواد مع انتشار إشاعات شعبياً حول تطورات أمنية وأخطار لا تؤكدها الجهات الرسمية. وأرجأت جامعة الكويت اختبارات الفصل الصيفي ثلاثة أيام، في حين شدّدت وزارة الأوقاف على وقف أي خطيب يثير النعرات الطائفية في المساجد أو عبر وسائل الإعلام.