تتخذ الألعاب الشعبية حيزاً مهماً في الجوانب الترفيهية في شهر رمضان، وعلى رغم اندثار كثير منها في عصر التكنولوجيا، وهجرتها نحو ألعاب الفيديو والألعاب الرياضية، فإن هذه الألعاب، التي تمتاز بإرثها التاريخي الضخم، تعود الى الواجهة مجدداً وتتسيد المشهد الترفيهي في هذا الشهر، وخصوصاً لدى كبار السن، الذين اعتادوا على مزاولتها في صباهم، فيما تتجدد ذكرياتهم للعودة إليها مع الأجواء الرمضانية ولياليها المبهجة. وتشكل الألعاب الشعبية صوراً بانورامية تختزل عدداً من العادات والتقاليد المحلية في حقب زمنية مختلفة، فهي تنقل عناصر التراث الشعبي، من خلال الصور النمطية الثقافية والحضارية، وتعكس الطبيعة والأجواء الاجتماعية، التي أسهمت في انتقال العادات والتقاليد والمعارف بصورة طبيعية وتلقائية من جيل إلى آخر، مكونة ثقافة شعبية غنية بالمعاني والعبر والمدلولات الإنسانية والاجتماعية. وتختلف الألعاب، بدءاً بموقعها الجغرافي إلى الشكل والمضمون وطريقة الأداء. وبين أبرز الألعاب المشهورة التي لاتزال تمارس من جانب الأهالي، الكيرم، و«الدومينو» التي تسمى محلياً ب«الدومنة»، إضافة إلى البلوت التي تمارس هي الأخرى بشكل مبسط بين كبار السن في عدد من المقاهي الشعبية التي بدأت بالاندثار. أما الشبان فيلجأ كثير منهم إلى مزاولة اللعب في الأحياء القديمة، التي تنشط اجتماعياً خلال هذا الشهر في صورة مختلفة، إذ يعود إليها سكانها الأصليون ومعهم موروثها الشعبي وحماسة شبانها لمزاولته. وبين تلك التقاليد لعبة «الدوامة» و«التيلة» و«الخشيشو» و«الطير»، وغيرها من الألعاب الشعبية البسيطة، التي باتت ترتبط بشهر رمضان، بينما تغادر أجندة الشبان مع آخر يوم من الشهر الفضيل. ويؤكد محمد الخميس (55 عاماً) أن «شهر رمضان فرصة سنوية للعودة إلى إرثنا التاريخي، العودة إلى جذورنا التي انطلقنا منها بعد أن شغلتنا العولمة وإفرازاتها، وأجبرنا التمدن على هجرة الأحياء البسيطة ومنازلنا الضيقة التي كنا نرى فيها رحابة لا تقاس برحابة منازلنا الحديثة»، موضحاً أنه اعتاد أن يستغل الشهر ولياليه على إقناع أولاده بالألعاب الشعبية القديمة، مثل الدوامة والتيلة، إضافة إلى ألعاب شعبية أخرى، «فأنا حريص مع بعض أصدقائي على تدريب أولادنا على تلك الألعاب قبل أن نتركهم داخل الأحياء، ونذهب لمزاولة ألعابنا الشعبية التي يكون التنافس فيها على أشده، وخصوصاً لعبتي الكيرم والدومينو».