تعدّ آلاف الأسر السعودية العدة لتحديد وجهاتها السياحية للسفر خلال إجازة الصيف التي تنطلق فعلياً بحسب متخصصين بعد عيد الفطر المبارك، إذ فضل الغالبية تأجيل السفر لما بعد شهر رمضان. وأشار المتخصصون إلى أن التوجه للدول الأوروبية والولايات المتحدة أصبح له حيز كبير من اهتمامات السائح السعودي، بعد أن تم تسهيل إجراءات الحصول على تأشيرة، وأصبح كذلك لدى السائح المحلي رغبة وتساؤلات أكثر حول وجهات لم تكن مرغوبة في السابق مثل بعض دول آسيا وشرق أوروبا وذلك للاكتشاف، ما عدوه متغيرات أصبحت ملحوظة في تغير ثقافة وسلوك السائح. وقال المدير التنفيذي لإحدى الشركات السياحية عبدالمجيد السلمي، في حديثه ل«الحياة»، إن القطاع السياحي شهد تغييرات جذرية في الوجهات لدى السائح السعودي، مبرراً الأسباب بالأحداث التي جرت في العالم العربي على مدى السنوات الماضية، مضيفاً: «فالحجوزات التي أجريت حتى الآن تشير بوضوح إلى توجه قطاع كبير من المسافرين إلى الدول الأوروبية على رغم ارتفاع الكلفة نسبياً مقارنة بغيرها من الدول في شرق آسيا أو الدول العربية، علماً بأن أسعار الفنادق في بعض الدول العربية والخليجية كانت مرتفعة العام الماضي وتقدم خدماتها بأسعار تقارب أسعار الفنادق في أوروبا، ثم إن السائح السعودي أصبح على علم بمتطلبات السياحة إلى أوروبا بعد أن عانى في السنوات السابقة من الإجراءات المصاحبة لإصدار تأشيرات الدخول، إذ استعد لسفره منذ وقت طويل بإصدار التأشيرات وإجراء حجوزات الطيران والفنادق». وأشار السلمي إلى ارتفاع حصص دول أخرى بشكل كبير كالولايات المتحدة وتركيا من السياحة السعودية وذلك من واقع الحجوزات التي أجريت لصيف هذا العام، أما دول شرق آسيا خصوصاً ماليزيا، فإنها ستكون في المرتبة الثالثة أو الرابعة بعكس السنوات الماضية، وعربياً ذكر السلمي أن دبي تحتل المرتبة الأولى لأسعارها المناسبة في الصيف لجميع شرائح المجتمع وكذلك توافر الشقق المفروشة التي هي مطلب للأسرة السعودية وأبوظبي وغيرها من مدن الخليج فسيكون نصيبها كالأعوام الماضية لقربها من المملكة والكلفة المعقولة مقارنة بالدول الأخرى وهي وجهات مناسبة للإجازات القصيرة والمتوسطة، علماً بأن شهر رمضان الذي يأتي متزامناً مع العطلة الصيفية يشجع على السفر داخل المملكة مثل الطائف والباحة وأبها خلال شهر رمضان للأجواء الباردة وأداء فريضة الصوم هناك في مدن داخلية تحمل البيئة نفسها، مضيفاً: «بدأنا نلحظ ازدياد الحجوزات فعلياً خلال السنوات الأخيرة للمدن الجنوبية خلال شهر رمضان». وعن قدرة السياحة الداخلية على المنافسة ومدى إمكان أن تكون بديلاً مقبولاً في الظروف الراهنة لدى شريحة كبيرة من السعوديين قال السلمي: «نعم، ازداد الطلب على السياحة الداخلية بشكل واضح من الشرائح التي درجت في السابق على قضاء العطلة الصيفية وكما ذكرنا آنفاً لوجود شهر رمضان المبارك خلال الإجازة الصيفية، إذ وجدت أن البديل الأنسب هو السياحة داخل المملكة لأن الكلفة قد تكون مقاربة للموازنة المخصصة لهذه العطلة، هذا على رغم أن الأسعار ما زالت مرتفعة نسبياً بالمقارنة مع الدول المجاورة وأرجو ألا يكون هذا عائقاً أمام توجه أعداد كبيرة من السعوديين إلى مناطق سياحية داخل المملكة وأهم المعوقات عدم وجود مقاعد للسفر لأماكن الاصطياف داخل المملكة وتوافر فنادق ذات الأربع والخمس نجوم التي لا تفي بحاجة ولا 20 في المئة من الراغبين في السفر لها مع العلم أن الفنادق والشقق المفروشة التي تم إنشاؤها وخلال السنوات الماضية لا تتجاوز الزيادة أكثر من 30 في المئة بينما دبي فعلاً زادت 150 في المئة تقريباً». وأكد أحد مديري المكاتب السياحية ماهر عبدالمطلب أن الإقبال على السياحة الداخلية في هذه الإجازة على غير المعتاد، إلا أن البعض ما زال يفضل السفر للدول الخليجية القريبة بسبب ضعف وسائل الدعم اللوجستي للمسافرين على الطرقات البرية، وقلة وسائل الترفيه وارتفاع أسعار السكن وذلك بحسب ما يقوله المسافرون أنفسهم، مبيناً أن تطويرها سيشجع على الاستفادة من الإجازات لمصلحة المناطق الداخلية على المدى الطويل، خصوصاً للإجازات الفصلية القصيرة. وأشار عبدالمطلب إلى أن استعدادات مكاتب السفر خلال الشهرين الماضيين منصبة على التجهيز لإجازة الصيف، إذ بدأ المسافرون يستعدون لها، وتتركز خيارات السعوديين على السفر إلى دول أوروبا وأميركا وتركيا، مبيناً أن ثقافة المسافرين بدأت تتغير بالتجهيز لرحلاتهم باكراً لتلافي الضغوط على المقاعد والحصول على خيارات وأسعار أفضل. وحول تأثير الحجوزات المباشرة عبر مواقع شبكة الإنترنت في وكلاء السياحة والسفر، نفى عبدالمطلب وجود تأثير، وقال إن القطاع يشهد نمواً مستمراً على رغم تعدد خيارات الحجز والسفر، مضيفاً: «مواقع الحجوزات لم تؤثر فينا، فالاستفادة من هذه المواقع تتطلب الحجز منذ فترة طويلة، إضافة إلى صعوبة الإلغاء وصعوبة إيجاد مرجعية في حال الخلافات، كون هذه المواقع تعود لقوانين دول مختلفة، مع صعوبة الشروط التي لا يطلع عليها المسافر بشكل كامل في حال الإلغاء أو التأجيل». فيما قال عمر العتيبي أحد خبراء التسويق الإلكتروني، إن أعداد المسافرين الذين أصبحوا يفضلون السفر عبر اختياراتهم الذاتية والحجز الإلكتروني الشخصي أصبح في ازدياد، إذ تكون لدى المسافر خيارات أكبر في الاطلاع على شركات الطيران وأسعارها والفنادق. وأضاف: «قد يحصل المسافر على سعر أفضل من الشركات السياحية ولكن عبر شركة طيران واحدة أو في فنادق معينة، ولكن أمام عشرات مواقع الطيران الموثوقة والمجربة وتوافر معلومات أكبر ووقت أكثر أصبح المسافر يفضل إجراء حجزه بنفسه، فالمسافر من شركة الطيران مرتبط بعناء الذهاب للمكاتب وبوقت محدود وبحسب رؤية الموظف ومربوط بشركات طيران وفنادق معينة يحاول المكتب إقناعه بها، على عكس الحجز الشخصي الذي يقدم كل الخيارات الممكنة للمسافر». وطالب العتيبي المسافرين ببحث كل الخيارات، ومن ثم تدوين الأسعار ومراجعة بعد ذلك مكاتب السفر والسياحة، إذ من الممكن أن يحصل على أسعار أفضل لوجهته، مع جمع معلومات أكبر عن الوجهة المراد السفر لها. 74.5 بليون ريال حجم السياحة الخارجية العام الماضي وفقاً لبيانات مركز المعلومات والأبحاث السياحية (ماس) التابع لهيئة السياحة السعودية، بلغ الإنفاق على السياحة المغادرة للسعودية خلال الفترة من كانون الثاني (يناير) إلى أيلول (سبتمبر) 2013 نحو 74.5 بليون ريال، والإنفاق على السياحة المحلية نحو 28 بليون ريال، فيما السياحة الوافدة 44.1 بليون ريال. وكشف تقرير نشره موقع ترافيلر ديلي المتخصص في شؤون السياحة والسفر مطلع هذا العام أن السعوديين احتلوا المرتبة الأولى عالمياً في الإنفاق على رحلات السفر والسياحة. وأوضح التقرير أن 4.5 مليون سائح سعودي ينفقون أكثر من 80 بليون ريال سنوياً على السياحة والسفر للخارج، حتى أصبحوا الأعلى إنفاقاً على مستوى العالم.