في مدينة سكرامنتو عاصمة ولاية كاليفورنيا علت الطرق العلوية لافتات وملصقات تعرض علاجاً للمكروبين: «أتبحث عن إجابات في الحياة؟ .. اعرف محمداً». بمثل هذه الرسائل التي توجه في جانب منها دعوة دينية لاكتشاف العقيدة الإسلامية، وتعنى في جانب آخر بالعلاقات العامة، تطلق اللافتات حملة لإبراز الإسلام كدين محبة وتسامح موجهة للمسلمين وغير المسلمين على حد سواء. لكن حملة الدعاية التي تنظمها الدائرة الإسلامية لأميركا الشمالية، وتشمل مدناً أخرى ربما تأتي بأثر عكسي وسط تزايد المشاعر المناهضة للإسلام، التي عبّر عنها بعضهم باحتجاجات أو حملات دعاية أحياناً، وبالتخريب والعنف في أحيان أخرى. وقال نائب الأمين العام للدائرة الإسلامية وقاص سيد: «رأينا أن من الملائم أن نعمل على تعريف قاعدة شعبية أوسع بهذه الشخصية التي تجسد روح المحبة والأخوة». لم تكن هذه أول حملة بارزة تنظمها مجموعة مسلمة لتعزيز صورة الإسلام في أميركا بعد أن شوهتها هجمات المتشددين. لكنها أكبر حملة تنظمها الدائرة الإسلامية لأميركا الشمالية، الجماعة التي ارتبط اسمها بقوة بحملات إعلان ودعاية في السنوات الأخيرة. قال تود جرين الأستاذ الجامعي الذي يعكف على دراسة الخوف المرضي من الإسلام بكلية لوثر كولدج في أيوا «هي خطوة جريئة جداً في ظل الظروف الحالية... فأنت حين تمثل أقلية دينية تواجه ضغطاً كبيراً من غالبية السكان كي لا تسعى لنشر معتقداتك». ويقول منظمو الحملة إنهم أطلقوها رداً على هجوم باريس الدامي الذي نفذه إسلاميون متشددون على مجلة شارلي إبدو الفرنسية الساخرة في كانون الثاني (يناير) بعد نشرها رسوماً تسيء للمسلمين. وتهدف الحملة في جانب منها أيضاً إلى نقل رسالة للمسلمين مفادها أن العنف ليس الرد المناسب على الاستفزاز. وتصادف أن رفع أول لافتات جاء بعد أيام من مقتل مسلحين من مسلمي أميركا في أيار (مايو) أثناء محاولتهما مهاجمة معرض في تكساس لرسوم تصور نبي الإسلام محمد. مثلما أن الحملة جاءت قبل قليل من تجمع محتجين مسلحين مناهضين للإسلام أمام مسجد في فينيكس. كانت الدائرة الإسلامية لأميركا الشمالية قد نفذت حملة دعاية أخرى قبل عامين دعت فيها الأميركيين لملاحظة أوجه الشبه بين المسيحية والإسلام. وحاولت حملة نظمتها مجموعة إسلامية أميركية أخرى أن تطرح تفسيرات سمحة للجهاد.. كجهاد النفس على سبيل المثال. كلتا الحملتين لاقتا ردود فعل غاضبة. وفي حملة «جهادي» رفعت جماعة معارضة لافتات وملصقات تربط الإسلام بالعنف. ... ومواطنون يرونها غير مأمونة «العواقب» الحملة الأخيرة التي ترعاها فروع محلية للدائرة الإسلامية لأميركا الشمالية ستشمل حوالى مئة لافتة من فيلادلفيا إلى بالتيمور ومن أتلانتا إلى ميامي. بعض اللافتات - كما هو الحال في سكرامنتو- تحمل دعوة واضحة للتعرف على عقيدة المسلمين بينما تصور أخرى النبي محمد كراعٍ لحقوق المرأة والتسامح الديني. ورفعت على طرق مدينة إليزابيث بولاية نيوجيرزي لافتات كتب عليها: «الرحمة من الإيمان». وفي ميامي رفعت لافتات عليها: «محمد يؤمن بالسلام والعدالة الاجتماعية وحقوق المرأة». يقول سيد إن نقل هذه الرؤية عن الإسلام ونبيه أهم بالنسبة للدائرة الإسلامية لأميركا الشمالية من نشر الدعوة وإن كانت الجماعة ترحب بأي اعتناق جديد لدين الإسلام. ويقول مركز بيو للأبحاث إن المسلمين يشكلون 0.9 في المئة من سكان الولاياتالمتحدة لكن من المتوقع أن يتضاعف العدد بحلول عام 2050 مع قدوم مهاجرين جدد وزيادة المواليد. وفي الأسبوع الماضي ظهرت المجموعة الأولى من اللافتات، ومنها تلك التي رفعت في سكرامنتو ولوس أنجليس. وسترفع لافتات وملصقات جديدة في سان فرانسيسكو ودالاس ومدن أخرى في غضون أسابيع. وقال الإمام خالد جريجز نائب رئيس الدائرة الإسلامية لأميركا الشمالية وإمام مسجد في نورث كارولاينا إن أياً من اللافتات لم يتعرض لتشويه، على رغم الأجواء المشوبة بالتوتر كما أن ردود الفعل السلبية محدودة. وفي الأسبوع الماضي أيضاً رفعت مجموعة تخشى اتساع دائرة الإسلام المتشدد في الولاياتالمتحدة لافتات في سان لويس تحمل رسومات للنبي محمد إمعاناً في تحدي تحريم علماء المسلمين لتصوير الأنبياء. وفي شباط (فبراير) الماضي تعرض مسجد في واشنطن العاصمة للتخريب مرتين في أسبوع واحد. وفي إليزابيث بولاية نيوجيرزي إذ وضعت الدائرة الإسلامية إحدى لافتاتها قال تيلر كولتيلي - وهو كاثوليكي عمره 23 عاماً - إن اللافتة أثارت لديه شعوراً بعدم الارتياح. وقال: «من حقك أن تمارس شعائر دينك، لكني لا أتفق بالضرورة مع محاولة جذب الناس في الشوارع لدين آخر». لكن بديع ورداني الداعية في مركز السلام الإسلامي في سكرامنتو قال: «أعتقد أنها فكرة هائلة بالنظر لكل المفاهيم الخاطئة عن الدين والإرهاب. الجماعات المتعصبة تسيء للدين نفسه».