لم تحقق الجلسة ال13 للحوار بين «تيار المستقبل» و«حزب الله» برعاية رئيس المجلس النيابي نبيه بري ممثلاً بمعاونه السياسي وزير المال علي حسن خليل، أيَّ تقدم يذكر يمكن أن يعوّل عليه لمعاودة انعقاد مجلس الوزراء في المدى المنظور، وانتهت بلا نتائج، سوى تأكيد ضرورة التواصل في جلسة جديدة تعقد مطلع تموز (يوليو) المقبل. وعلمت «الحياة» من مصادر مواكبة للأجواء التي سادت الجلسة وشارك فيها عن «المستقبل» نادر الحريري مدير مكتب الرئيس سعد الحريري ووزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق والنائب سمير الجسر، وعن «حزب الله» المعاون السياسي لأمينه العام حسين خليل والوزير حسين الحاج حسن والنائب حسن فضل الله، إضافة الى الوزير خليل، أن تأكيد أطراف الحوار -كما ورد في البيان النهائي للجلسة- على إيجاد المناخات الملائمة لعمل المؤسسات الدستورية لن «يصرف» في وضع حد لتعطيل جلسات مجلس الوزراء، لأن الحزب يصر على تمديد فترة المشاورات في اتجاه رئس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون، مبدياً استعداده للتعاون لتذليل العقبات التي ما زالت تعترض انعقاد هذه الجلسات. وبكلام آخر، فإن الحزب يقف الى جانب مراعاة حليفه عون ويسعى إلى تدوير الزوايا من دون أن يتقدم حالياً ولو بخطوة في اتجاه عودة الروح الى مجلس الوزراء، في مقابل موقف متميز لوزير المال الذي أيد المشاورات لكنه حذر من الاستمرار في تعطيل الجلسات الى ما لا نهاية، لأن من غير الجائز إقحام السلطة التنفيذية في حال من الفراغ تتلازم مع الشلل الذي أصاب السلطة التشريعية ولا يزال يحول دون عقد جلسات نيابية لتشريع الضرورة. وأكدت المصادر أن الحزب عرض، بهدوء، وجهة نظره في شأن مراعاته موقف حليفه، وقالت إنه بدا متضامناً معه لكنه لن يفرط بالحكومة، وهذا ما شدد عليه وفده إلى الحوار وبالتالي لا بد من مراقبة موقفه في حال بادر عون إلى التصعيد وصولاً إلى إحراجه. ومع أن أحداً لا يملك ما يعطيه لعون لإقناعه بالعودة عن «حرده»، فإن مصير انعقاد جلسات مجلس الوزراء هو بيد رئيس الحكومة تمام سلام الذي نقل عنه عدد من الوزراء قوله: «لا أستطيع مراعاة فريق دون الآخر، وأنا قررت منذ البداية منح المشاورات الفرصة تلو الأخرى لكن لا بد من دعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد، خصوصاً أن للصبر حدوداً وأنا لا أسعى الى تحدي هذا أو ذاك، لكن ما الفائدة من تعطيل الحكومة؟». وعلمت «الحياة» من مصادر وزارية أن «حزب الله» تمنى على سلام تمديد فترة المشاورات، وأن وزيره محمد فنيش نقل إليه رغبة الحزب، وأن لا مانع لديه من تكثيف المشاورات الى ما بعد انتهاء شهر رمضان المبارك. ويبدو أن سلام ليس في وارد الاخذ بالنصيحة من دون أن يلوح في الأفق أي بوادر يمكن الرهان عليها ليعيد عون النظر في موقفه. ولفتت المصادر المواكبة النظر الى أن «المستقبل» شدد في جلسة الحوار على ضرورة توفير المناخ لمعاودة جلسات مجلس الوزراء لأن من غير الجائز الاستمرار بهذه الطريقة التي من شأنها أن تلحق الضرر بالبلد على المستويات كافة. تنازل وتدوير زوايا ورأى «المستقبل» أن تعطيل الجلسات النيابية والحكومية سيرتب جملة من الأخطار المالية على البلد، خصوصاً بالنسبة الى الضرر الذي يصيبه إذا ما تأخر في إقرار مجموعة من مشاريع القوانين ذات المنفعة المالية، أكانت هبات أو قروضاً ميسرة لأن تأخير إقرارها سيسقط إمكان الإفادة منها. ولفت «المستقبل» أيضاً إلى أن جمهوره يأخذ عليه تقديم التنازل تلو الآخر من دون أن يلقى تجاوباً، فيما كرر «حزب الله» -وفق هذه المصادر- دعوته إلى مراعاة عون وإلى التعاون للوصول الى حل... وكأنه أخذ على عاتقه تدوير الزوايا لئلا يزعج حليفه ويشارك في حشره في الوقت الحاضر. وكشفت المصادر ذاتها أن جلسة الحوار كانت بمثابة جولة أفق شملت كل الأمور العالقة والتجاذبات السياسية المترتبة عليها، وقالت إنه جرى تقويم ما آل إليه الحوار منذ انطلاقته برعاية الرئيس بري ونتائج الجهود الرامية لتنفيس الاحتقان المذهبي والطائفي ومنع انفجار الوضع الأمني والعمل على تحييد لبنان عن الحرائق المشتعلة من حوله إضافة الى البند الخاص برئاسة الجمهورية. وقالت إن تقويم الجهود المشتركة لتنفيس الاحتقان المذهبي، لم تمنع «المستقبل» من استحضار محطات سياسية وأمنية يمكن أن تعيق الجهود المشتركة على هذا الصعيد. جرود عرسال وأكدت أن الوضع في عرسال وجرودها حضر بامتياز على طاولة الحوار، وقالت إن «المستقبل» سأل عن الجدوى من الحملة على عرسال وإن «حزب الله» أكد أنه يكن كل مودة لأهالي البلدة وليس لديه أي مخطط لاستهدافها، لكنه يرى أن المشكلة تكمن في جرودها وأنه على استعداد للانسحاب فوراً من هذه المنطقة شرط أن يدخلها الجيش اللبناني. لكن كان ل «المستقبل» موقف آخر -كما قالت المصادر المواكبة-، تمثل في أن وحدات الجيش المنتشرة في داخل عرسال أو في المنطقة المحيطة بجرودها، تقوم بواجباتها الأمنية والعسكرية وهي نجحت في ضبط الوضع في البلدة واتخذت أقصى التدابير والإجراءات لمنع المجموعات الإرهابية المسلحة من القيام بأي محاولة لخرقها. وأكد «المستقبل» أيضاً -وفق المصادر- أن لدى الجيش كل الإمكانات التي تتيح له مراقبة أي تحرك في المنطقة الجردية الخاضعة لكل أشكال المراقبة براً وجواً، وأن الوحدات العسكرية تبادر الى الرد فوراً على أي تحرك لهذه المجموعات، وهذا ما يحصل من خلال قصفها عدداً من مواقعها وأماكن تجمعاتها. ورأى أن لا مبرر لإقحام الجيش في معركة في الجرود طالما أنه يسيطر على الحدود ويمنع أي تواجد مسلح في البلدة. ولاحظت المصادر أن الحزب تحدث في معرض الكلام عن دور الجيش بإيجابية عن قيادته وعن العماد جان قهوجي بوصفه قائداً شرعياً. وتوقف «المستقبل» أمام حملات التحريض ضد عرسال وأبرزها التجمع الذي عقد في بعلبك وانتهى الى تشكيل «لواء القلعة»، ورد «حزب الله» بأن لا علاقة له به وأنه مع تفعيل الخطة الأمنية في البقاع الشمالي. إلا أن «المستقبل» أشار الى أن الخطط الأمنية وضعت لتنفيس الاحتقان المذهبي وخفض منسوب التوتر السني- الشيعي، وأن تنفيسه لا يتم من خلال نزع صورة من هنا أو هناك، أو بإزالة الشعارات، وإنما في الخطاب السياسي الذي يحمل في طياته تهديداً لفريق معين. ونقلت المصادر عن وفد «المستقبل» قوله: «كنا تحدثنا في جلسة سابقة عن «سرايا المقاومة» والحزب طلب في حينه إمهاله الفرصة ليتولى معالجتها». ولدى الحديث عن الجهود الرامية لتنفيس الاحتقان، أثار وفد «المستقبل»، كما تقول المصادر، الكلام الأخير لنائب الأمين العام ل «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، الذي خيَّر فيه الجميع بين انتخاب عون رئيساً للجمهورية أو الفراغ، وسأل: ألا يصب هذا الكلام في خانة رفع منسوب الاحتقان، لأن هناك من يتعامل مع كلامه كأنه يقول: الأمر لنا؟». تلطيف موقف قاسم ومع أن وفد «حزب الله» حاول تلطيف موقف الشيخ قاسم وتنعيمه، مخففاً من وطأته السياسية التي تنطوي على التحدي، فإن «المستقبل» يتعامل مع كلامه هذا كأنه يقفل الباب أمام البحث في البند الثاني من الحوار المتعلق بمقاربة انتخابات رئاسة الجمهورية، من خلال التفاهم على المواصفات التي يجب أن يتحلى بها الرئيس التوافقي. وخلصت المصادر إلى القول إن الحزب سعى إلى التخفيف من وطأة كلام قاسم عن رئاسة الجمهورية، وقالت إن لهذا الحوار دوراً في امتصاص تداعيات التوتر السياسي المترتب على تبادل الحملات والاتهامات بين «المستقبل» و «حزب الله». لذلك، لم يعد للحوار من مهمة سوى السعي إلى تحسين شروط الانتظار ومنع انفجار الوضع الأمني طالما أن لا إمكان لانتخاب رئيس جمهورية جديد، لكنه يبقى منقوصاً ما لم يقترن بوقف تعطيل الحكومة والعمل لعقد جلسات نيابية لتشريع الضرورة، وإلا ستواجه لبنان مشكلة تراكم الاستحقاقات المالية التي هي في حاجة الى التشريع، ومن بينها إدخال تعديلات على قانون مكافحة تبييض الأموال لئلا يواجه القطاع المصرفي مشكلة في تحويل الأموال وفتح الحسابات في مصارف أجنبية تتعامل معها المصارف المحلية.