نجحت وساطة تركية بين حركة «حماس» والقاهرة أمس في السماح لقافلة «شريان الحياة 3» المحملة بمساعدات انسانية بالعبور الى قطاع غزة، كما نجحت في كبح التوتر المتصاعد عند الحدود، والذي بلغ حد الاشتباك بالأسلحة النارية. لكنها تركت العلاقة بين الجانبين عند أعتاب الأزمة بعد التصعيد الكلامي وتبادل الاتهامات ومقتل جندي مصري بنيران أطلقت من القطاع واصابة 9 آخرين، وفي الوقت نفسه اصابة 35 فلسطينياً، خمسة منهم في حال موت سريري. تزامنت هذه التطورات مع تكثيف الاتصالات والتحركات لتنسيق المواقف العربية ازاء عملية السلام، في وقت علمت «الحياة» ان الرئيس محمود عباس أعد رزمة اقتراحات سلام وأفكار بديلة عن الرزمة الاسرائيلية، وانه يعرضها على الدول التي يزورها، وآخرها تركيا التي وصل اليها امس والتقى رئيس حكومتها رجب طيب اردوغان. ووصلت طليعة قافلة «شريان الحياة 3» الى معبر رفح مساء امس حيث كان في استقبالها مئات الفلسطينيين، وذلك في نهاية رحلة تخللتها مصاعب كثيرة وأحداث دامية وقعت بين المشاركين في القافلة ومتظاهرين فلسطينيين من جهة، وبين قوات الامن المصرية من جهة ثانية في ميناء العريش. وكانت الاشتباكات بدأت مساء اول من امس بين اعضاء القافلة وقوات الامن المصرية التي رفضت السماح بعبور السيارات الخاصة بأعضاء القافلة من معبر رفح الى قطاع غزة على اساس ان هذه السيارات لا تندرج في اطار المساعدات الاغاثية، داعية الى عبورها من معبر العوجا الذي تسيطر عليه اسرائيل. غير ان أعضاء القافلة اعترضوا على هذا القرار، واشتبك العشرات منهم مع الشرطة المصرية ورشقوها بالحجارة، قبل ان يستولوا على ميناء العريش ويسدوه بسياراتهم، الى ان تم التوصل فجرا الى اتفاق بوساطة تركية يقضي بفتح الناشطين المداخل الى ميناء العريش الذي احتلوه طوال الليل، في مقابل سحب مئات رجال الشرطة المنتشرين في المنطقة. وتظاهر ظهر امس اصار ل»حماس» قرب بوابة صلاح الدين على الجانب الفلسطيني من الحدود في رفح احتجاجاً على الاجراءات المصرية ضد القافلة، وعلى الجدار الخرساني الذي تبنيه مصر على الحدود. وألقى المتظاهرون بحجارة على قوات الامن المصرية التي ردت باطلاق قنابل الغاز ورش المتظاهرين بالمياه، قبل ان تتصاعد حدة التوتر وتقع اشتباكات مسلحة بين الطرفين بعدما اعتلى عشرات الشبان الجدار الخرساني المصري، ما ادى الى سقوط جرحى من الجانبين. وتزامن التصعيد الميداني مع تصعيد في هجوم «حماس» على النظام المصري، اذ اعتبر النائب عن الحركة مشير المصري خلال التظاهرة ان «الاعتداء على المتضامنين الاجانب مع غزة يمثل اعتداء على 40 دولة»، داعياً القاهرة الى فك الحصار عن غزة. رزمة عباس للسلام وعلى صعيد آخر، قالت مصادر مطلعة ل «الحياة» في رام الله ان الرئيس عباس قدم للدول التي زارها اخيرا (السعودية ومصر والكويت وقطر وتركيا) رزمة افكار لعملية السلام تقوم على مبدأين هما تجميد موقت للاستيطان لمدة ستة اشهر، حتى لو كان سراً، والشروع في مفاوضات على الحدود بين الجانبين، واضافت ان عباس ابدى مرونة في نسبة تبادل الاراضي بين اسرائيل والدول الفلسطينية للتغلب على مشاكل الاستيطان والقدس والحدود، اذ ابدى استعداده لقبول تبادل بنسبة تتراوح بين 2,5 و3 في المئة، علماً انه كان عرض في السابق تبادلا بنسبة 1.9 في المئة فقط، في حين كانت اسرائيل تطالب ب 6.5 في المئة في عهد ايهود اولمرت. وتأتي هذه الرزمة لتشكل بديلا عن الرزمة التي قدمها الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريز وتقترح مفاوضات على الحدود لمدة تسعة اشهر يصار بعدها الى التفاوض على القدس واللاجئين، على ان يتلقى الجانبان ورقة ضمانات اميركية تعلن ان الهدف من المفاوضات حل وفق حدود عام 1967 خلال فترة زمنية لا تتعدى عامين.